الأحد، 25 ديسمبر 2011

الاهانة الشعبية


لا تزال هذه الصفحات من تاريخ مصر منذ ثورة 25 يناير وما مر فيها من أحداث كلما أعدتَ قراءتها رأيتَ فيها ما لم تره من قبل وكلما رتبتَ الأحداث تجد أن هناك تراتيب أخرى لا يخالفها المنطق .
و هذه محاولة في إعادة القراءة وفقا لم استجد حتى تاريخه فان النوايا دائما ما تزداد وضوحا مع الوقت .
في شهر فبراير الماضي وبعد هدوء الحالة الثورية نسبيا وأثناء الزخم النقاشى عن متطلبات الفترة المقبلة من مستقبل البلاد طالعنا المجلس العسكري أنه بصدد عمل تعديلات دستورية وهذا ما رفضته القوى السياسية فيما عدا الإخوان المسلمين فمنذ اللحظة الأولى والإخوان والمجلس العسكري فى سلة واحدة ووقتها لم يكن الفلول فى المشهد ولا التيار السلفي متبلورا سياسيا ومنذ هذه اللحظة شُقَّت قوى الثورة.
وكلفت اللجنة المشهورة بعمل التعديلات بمؤازرة المجلس والجماعة وإبان الاستفتاء على هذه التعديلات انضم التيار السلفي والفلول إلى حملة التضليل بمزايا الموافقة على التعديلات تحت مزاعم عدة كاذبة مستغلة حالة الأمية المجتمعية.
وعندما جاءت النتيجة بما تهواه الجماعة و المجلس وسلمنا بعودة الدستور المعطل بعد التعديلات فوجئنا بأشخاص من الجماعة يخبروننا بأنه سوف يتم إصدار إعلان دستوري و قبل أن يتكلم أي أحد عن ذلك لا من المجلس ولا خلافه بل لم يتخيل أي محلل سياسي فى برامج التوك شوز بأن ذلك محتمل الحدوث  ....وحدث.
وبالطبع وجد المحللون أن ذلك منحى غريب و تكلموا باستفاضة  عن أن التعديلات تتم على شيء موجود لإعادة العمل به بعد التعديل وأن صدور إعلان هو اسقاط  للاستفتاء ولكن الجماعة كانت مع الإعلان الدستوري أي أنها كانت القوة المدنية المدافعة عن مذاهب المجلس العسكري.
وعندما صدر الإعلان الدستوري جاء متضمنا بعض التعديلات التى تمت فى الاستفتاء ومسقطا بعضها ومجتزئا أخرى وهو ما يعد ليس إسقاطا للاستفتاء فقط وإنما اهانة للإرادة الشعبية وكل القوى السياسية قالت بذلك قيما عدا الجماعة .
وهنا يكون السؤال الملح: لماذا تقف الجماعة هذه المواقف الغير مشرفة مشككة الجميع في نواياها؟
وبعد ذلك صدر قانون الأحزاب والذي يصب بشروطه في صالح القوى المنظمة(توكيلات من خمسة آلاف فرد من عشر محافظات شرط الموافقة على تشكيل الحزب وكأن الشعب ذو ألمعية سياسية سينضم بمجرد أن تعرض الأفكار عليه)  ولم يكن في صدارة المشهد وقتها إلا الجماعة.
ومع تلكؤ المجلس العسكري في الوفاء بمقتضيات المطالب الثورية كانت القوى الثورية كلما دعت للتظاهر ضد المجلس أصدرت الجماعة أو حزبها بيانا بعدم الخروج تحت مسميات منها الوقيعة بين الجيش والشعب....؟؟؟؟
ومع أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء لم نجد أكثر من بيانات للشجب والإدانة ليس لجهة(واضحة زى الشمس) ولكن لمن فعل ذلك (على سبيل النكرة.....غير معلوم).
بل والمذهل أحيانا أنه عندما يعلق البعض على أنه كان يجب أن يكون الدستور أولا تجدهم بالمرصاد.. تحت عنوان الالتفاف على الإرادة الشعبية(الاهانة الشعبية)...بصراحة لا أدرى بماذا أسمى ذلك.(استعبطنى.. شكرا؟؟؟؟)
إلا أنه وبعد إعلان نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات بالتزامن مع التظاهرات الناجمة عن أحداث مجلس الوزراء وجمعة الحرائر ومطالبة القوى السياسية في معظمها وشباب الثورة بتبكير مواعيد الانتخابات الرئاسية  أعلنت الجماعة عدم موافقتها على ذلك وتكلم بعض قيادييها في البرامج عن أنه المفروض ألا ينتخب الرئيس إلا بعد عمل الدستور الجديد حتى لا نبتلى بديكتاتور وأيضا حتى لا يتم عمل انتخابات رئاسية أخرى مع تغير السلطات في الدستور الجديد وكأن الإعلان الدستوري الذي بمشاركتهم.أسقط به المجلس العسكري الاستفتاء على التعديلات لم يتضمن مواد الرئيس المنتخب وكيفية انتخابه وسلطاته بل يتعاملون معه(الإعلان الدستوري) وكأنه قطعة قماش يقصون منها ما يريدون حتى تصبح على المقاس(خنصرة)طبعا وما كان لهم أن يقولوا بذلك لو كان المجلس يلتزم حرفيا بإعلانه المسقط للإرادة الشعبية.
وهذه المواقف تدعو الى الحيرة ماذا يريد الاخوان المسلمون؟
وجهة نظرى أنه ومنذ اللحظة الأولى والجماعة تريد تسيير المجتمع المدنى المصري وفق رؤاها وخططها وتبذل فى سبيل ذلك أحيانا ما ينال من موقفها السياسي و الانتمائى العام وتسيير المجتمع المدنى لا يقتضى فقط السلطة التشريعية وانما ضم السلطتين التشريعية والتنفيذية فى قبضة واحدة(حكومة برلمانية) ولتفعيل ذلك فى الواقع المصرى لا بد من احتواء الدستور له.. وبالتالي هم يهمهم شكل الدولة بالأساس وليس الحريات العامة كما يقلق البعض خوفا عليها. وهم دائما يطمئنون غيرهم بهذا الخصوص .
ومن هذا المنطلق فإن وجود رئيس منتخب(مؤسسة منتخبة) فى هذه الفترة سيشكل إزعاجا شديدا للجنة وضع الدستور( التى من  المفترض أنها ستكون من الأغلبية أو ستنتخبها الأغلبية) نظرا لأنها ستنتزع سلطاته إلى رئيس الحكومة البرلمانى .. وبما أنه لا يوجد فى الإعلان مواد لسحب الثقة من الرئيس المنتخب فانه لو لم يدع الشعب إلى الاستفتاء على الدستور الجديد فسندخل فى جدال لا ينتهى .. وبما أن الجماعة تحب العمل فى صمت فهى ترغب فى عدم وجود مؤسسة منتخبة أخرى حتى يتم العمل فى الدستور الجديد بمعزل عن التدخلات .
وطبعا المجلس العسكري سيكون بيئة حاضنة بمقابل دستوري ولا مانع عند المجلس العسكري من ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق