الخميس، 31 مايو 2012

القرف السياسى

شىء يصيب الإنسان بالقرف عندما يحدثك من لا عنده أول مفردات السياسة و يوجهك على جهل منه إلى كيفية اختيار أرفع منصب فى أى دولة (رئيس الجمهورية) .
وعندما يخرج هذا الكلام من النخب فإنها الطامة الكبرى ولهذا فإن فى مصر الإعلامية والصحفية وحتى بين الكتاب (لا نخب) والراشدون نادرون . ومن ثم فلا عجب أن تقوم الجماعات المسماة بالدينية ادعاءا وكذلك الأحزاب المتمسحة بالمرجعية الإسلامية بتشكيل الوعى المصرى عن طريق التضليل باسم الدين أحيانا وبالترهيب من المنافسين أحيانا أخرى عن طريق التشويه ولا تتورع فى سب وقذف أي من كان عند الحاجة  حتى إذا تم لهم ما أرادوا واقتنصوا ما يشتهون قالوا لقد أخطأ بعض منا وإنما نحن متحدون فكلنا قوى وطنية ولا نشكك بأحد وكأنهم لم ينزعوا عنهم عباءة الوطنية بالأمس و أيضا كأنهم لم يتهموهم بالعمالة أو بالإلحاد أو بالفسق......إلخ .
كل هذه المظاهر تحدث فى كل مناسبة يذهب فيه الجمهور إلى الصناديق حيث تتبع هذه الجماعات مبدأ(اللى تكسب به إلعب به) اجتلابا للفوز بأية وسيلة ...حيث الضرورات تبح كل شىء.
 وينعكس هذا فى الوقت الراهن فى صورة تشويه الإخوان المسلمين (الحرية والعدالة) لأحمد شفيق المشوه أصلا حتى تجعل منه مسخا (كلمة صدق وعشرة كدب) أو كأن انتخابه يعد من أكبر الكبائر ومنتخبه يعد منزوع النخوة والوطنية ومعاد للثورة . على الرغم من أنه  قبل المرحلة الأولى كان التشويه موجها ضد كل من أبو الفتوح وصباحي  لأنهم من المعبرين عن الثورة بشكل أو بآخر وكانت فرصهم أعلى وكأن لم يكن شفيق مرشحا فلم يصوبوا له حرابهم حتى تأكدت منافسته لهم .
وفى تلك النقطة أود أن أشير أنه إذا صدقت تلك الجماعات فى أن الانتخابات كانت نزيهة فى مرحلتها الأولى وأن مؤيدى شفيق غير وطنيين فإن 5505000 خمسة ملايين وخمسمائة ألف تقريبا يجب طردهم من مصر هذا قبل الإعادة ومن المحتمل أن يتضاعف العدد بعد الجولة الثانية.
كل ما سلف ليس ما وددت أن أقوله ولكن هذه الفترة تجعل الأفكار تتشابك وتتعقد وكذلك تجعل من الصعوبة بمكان فصل وتفتيت تلك الأفكار  ولكنى سأبدأ بشرح الموقف السياسي العام وأثناء التحليل سوف لا أتبنى وجه نظر.
وإنما سيكون التحليل محايدا وغير موجه.
الوضع السياسي قبل الثورة وبشهادة الجميع من المتصدرين الآن كان قائما على حكم الفرد وحكم الفرد هو القبض على السلطتين التنفيذية عبر صلاحياته فى تعيين وإعفاء الحكومة والتشريعية عبر عدة أشياء منها سلطة حل المجالس وتعيين الأعضاء والذى جعل من المجالس بوابة للسلطة لتمرير القوانين والتشريعات الخادمة لمصالحه الخاصة والموطدة لحكمه ويتجلى ذلك فى تتابع وتوالى إعلان حالة الطوارىء. علاوة على الصلاحيات الأخرى  التى قال عنها البعض صلاحيات شبه إلهية.
والوضع السياسى الآن غاية فى العبث والاستهبال حيث تستخدم الجماعات والأحزاب إياها بعض المفردات كإعادة حكم الفرد.....إستعادة النظام السابق.....فتح السجون والمعتقلات.........إجهاض الثورة(المجهضة أصلا بمعرفتهم وبواسطتهم) وهكذا من المسميات التى تجعل  أشباه المثقفين يبحلقون وكأن شىء من ذلك سيحدث بجد...وكل هذه المفردات تذكر عندما يذكر اسم شفيق أى أنه سيعيد الزمن إلى الوراء وهذا الكلام إنما هو فى غاية الاستعباط.....لماذا؟؟؟؟؟
أولا : إذا كان السبب في استمرار الديكتاتورية السابقة هو الجمع بين السلطات. ولذا فإنه من الأحرى وجود سلطات متنازعة لمصلحة الشعب حتى لا نعيد تكرار النظام القديم وأقصد بالمتنازعة هنا أى مختلفة في الاتجاه السياسي والرؤى ....ومن العجيب أن أصحاب المصلحة الآن يتكلمون بالتناغم بين السلطتين عند الدعوة لمرشحهم ناسين أن هذا التناغم ولد ديكتاتورية من قبل وهذا من المفارقات...... وعودة النظام القديم مع شفيق لن يتأتى إلا إذا تواطأ البرلمان معه فى تمديد العمل بقانون الطوارىء وسن التشريعات الموطدة لنظام حكمه وإذا تم هذا فإن تلك الجماعات ستكون متآمرة على البلاد والعباد( وبتضربنا عالقفا).
ثانيا: الاعلان الدستورى لم  يعط لأحد إلا القضاء الدستورى سلطة حل المجلسين ومن ثم فإن شفيق ولو جلس على كرسى الرئاسة فليس بقادر على عمل شىء ضد البرلمان بل انه مضطر لأن يخطب ود البرلمان حتى يتودد إلى معارضيه ومناهضيه فى الشارع .
ثالثا: الصلاحيات الرئاسية فى الدستور القادم ستضعها جمعية ليس لشفيق إن فاز بالمنصب أدنى تدخل فى عملها بل بالعكس فمن الجائز تدخل مرشح تلك الجماعات فى عمل تلك اللجنة إذا كان رئيسا لأنهم من تيار واحد....ولذا فشفيق لا يستطيع أن يضع لنفسه فى الدستور أية صلاحيات بل لا يمكنه الدفاع عن صلاحية تؤخذ منه ولا جدال فى ذلك.
رابعا : نحن مقبلون على إنشاء دولة أو هكذا نرجو وانشاء هذه الدولة يتطلب تفكيرا عميقا مهما أخذنا من الوقت حتى توضع الضمانات لكل شيء ومن ثم  سوف لا نعول على الاشخاص(الرؤساء) حينها وإنما على مقدار ما يقوم به الشخص من أجل انجاز ما هو مطلوب منه بحسب الدستور ووقتها لا يهمنا من يأتي للكرسي أو من ينتزع من فوقه لأن الضمانات ستكون دستورية وليست شخصية.وحتى الوصول إلى ذلك يجب وجود سلطات متنازعة حرصا على الصالح العام
جمال عبد الرحمن