الجمعة، 15 مارس 2013

السياسة ..... وفقه العلم ...... وما بينهما (في مصر)



وكيف يجيد الفن في مصر متقن ...... إذا كان بالتهريج نيل المراتب
إذا الشعب بالإهمال أرسب عاليا ........... فلا بدع أن يعلو به كل راسب
على مدار التاريخ كانت تطلق لفظة الفنون على المعارف والعلوم حتى أنه يطلق على علم السياسة فن الممكن وكذلك أصول عمل الدساتير تسمى فقها(الفقه الدستوري) وكذلك فلسفة القانون ويظل لفظ الفقه ينسحب على فهم الأصل المبنى عليه كل شيء على مستوى الشخص أو المجتمع  في الدولة  وإذا كان أي عمل ابتداءا من أدنى إجراء إداري إلى أجَلِّ تشريع في دولة ما  مفتقرا إلى هذا الفقه فإنها تكون دولة هرتلية ليس لها معنى( = مصر الآن).
ولا شك أن كل علم ليس بمنزل من السماء يخضع لتطبيق فقه العلم عليه للوقوف على أساسه وقيمته ومن ثم فإن كل علم بشرى أو فرع منه أو إجراء يمكن تحليله وتفنيده لمعرفة فلسفته وبيان مدى ملاءمته لما أُنشِأ من أجله .
كما أن السلطات يتم إنشاؤها في الدول أساسا وإجمالا من أجل خدمة المجتمع أو بالأصح أن المجتمعات هي التي تنشئ السلطات لخدمة أنفسها وتمنح الحصانات لحماية أنفسها حتى أنه يقال "الشعب مصدر السلطات(المؤسسات) والحصانات" وهذا الكلام في حد ذاته إجابة تعليلية (فقهية) عامة وإجمالية لسؤال وهو ...لماذا تُنشِئ المجتمعات السلطات العامة؟؟؟
وعلى ذكر ذلك فهناك أسئلة كثيرة جدا من حيث التفصيل يمكن طرحها للوقوف على أسس منطقية وفلسفية في جزئية علاقة المجتمعات بالسلطات والسلطات ببعضها البعض  فعلى سبيل المثال
1-     كيف (أو ما هي أفضل الطرق لكي) يكون الشعب مصدر السلطة القضائية؟؟
2-     هل الفصل بين السلطات هو فصل تام أم فصل تكويني ؟
3-      وإذا كان فصلا تكوينيا فما هي حدود التداخل التي يجب عدم تعديها بين السلطات العامة ؟؟
4-   هل تفويض الشعب في صلاحياته إلى المؤسسات عبر انتخابها هو شيك على بياض خلال مدة التفويض أم هناك آلية يجب أن توجد للرقابة الشعبية على المفوضين وتقويمهم إن تطلب الأمر؟ وكيف تتكون تلك الآلية؟
وعلى هذا السياق يجب أن يقف المرء على كل تفصيلة مهما صغرت لرؤيتها من جميع الأوجه وترجيح الوجه الأقرب منها إلى المنطق السليم ومن هنا ينتج ما يسمى بالدولة العلمية .
كلنا نعلم أن الدساتير علم وفن ومن هذا المنطلق أود طرح هذا التساؤل.....
ما هي فلسفة أن يكون التعديل في الدستور بموافقة الثلثين؟؟
ولماذا لا يكون اتهام رئيس الجمهورية إلا بأغلبية الثلثين؟؟
وكذلك لا يكون قرار اتهام رئيس الوزراء إلا بموافقة الثلثين؟؟
لماذا الثلثان؟؟ ولماذا لا يكون ثلاثة أرباع ؟؟ أو بالأغلبية المطلقة 50%+1.
وأيضا الدستور ففي حالتنا يتطلب تعديل المواد الدستورية نسبة الثلثين على الرغم أن إقراره لم يكن بتلك النسبة فكيف يكون إقرار الدستور بالأغلبية المطلقة وتعديل مواده بأغلبية خاصة !!!لا يوجد أي منطق في هذا.
ومن ثم ففي مصر لا يوجد فقهاء (فقه العلم) ولا يحزنون إلا نادرا . حتى المتخصصون عندما تسألهم مثل تلك الأسئلة لا تجد في إجاباتهم فقها وإنما تجد إسقاطا أو إحالة إلى أوضاع ودساتير دول أخرى دون تطابق المجتمعات وأدنى ما يقال عن ذلك أنه مخالف للمنطق السليم.
وأود الآن أن أناقش مسألتين غاية في الأهمية ألا وهما
1-     ما الفرق بين الأغلبية و التوافق
2-     الإرادات المتعارضة
إلى الآن في جميع برامج التوك شو تصل المناقشات بين الموالين للسلطة والمعارضة إلى طريق مسدود بشأن أمرين أولهما أن المحكمة الدستورية كانت مسيسة ومن ثم حلت مجلس الشعب حسب زعم الموالين وكذلك أن التعديلات المراد إجرائها على الدستور الآن عبر لجنة محايدة حسب طلب المعارضة  إهدار للإرادة الشعبية حسب زعمهم نظرا لأنه جاء بالتوافق . ولدحض حجج الموالاة الواهية بل الخادعة الكاذبة , فسأتعرض لهذه المسائل بالمناقشة العلمية.
الأغلبية والتوافق
الأغلبية لغة واصطلاحا هي الأكثرية أو من لهم الغلبة ... وغلبه على الشيء أي أخذه منه قهرا ....وغلبه أي هزمه أو أرغمه وأجبره على ما يريد....
والتوافق لغة واصطلاحا هو تطابق الأفكار أو الرغبات أو العواطف أو الميول ويقال توافقت أقوالُ الشُّهود أي اتّفقت و تشابهت و كانت في وفاق وتماثل. توافق القوم في الأمر أي كانت آراؤهم فيه واحدة...
وهنا يجدر بنا ذكر ما قاله المستشار الغريانى رئيس الجمعية التأسيسية ورئيس المجلس القومي لحقوق المنشآت (نظرا لدفاع أعضاء المجلس عن المنشآت أكثر من دفاعهم عن حقوق الإنسان) بأن الدستور يجب أن يحظى بنسبة موافقة فوق الثمانين بالمائة وهذا القول أيضا هرتلة محضة وكذلك أساتذة العلوم السياسية من النخب تجد من يتكلم عن نسبة 75% وآخرون عن نسبة الثلثين إلخ من الكلام الفارغ . فالتوافق اصطلاحا هو الإجماع وما أقل من الإجماع فهو أغلبية ومن ثم فكان أمامهم أن يستخدموا كلمة أغلبية كبيرة والاستغناء عن كلمة توافق مطلقا وفى تلك الحالة سيكون الدستور ليس عقدا اجتماعيا وإنما معبرا عن أكثرية ومن تلك النقطة تحديدا يجدر  بنا السؤال هل بالإمكان الوصول للإجماع؟؟؟
الإجابة:
الدستور مجموعة من القواعد أو المبادئ يبنى فوقها الهرم التشريعي من قوانين ولوائح إلخ . وهذه القواعد يلزمها شيء تُؤَسَّس بناءا عليه (كالتربة التي توضع قواعد المنشآت عليها) وهى ما سميت المبادئ الحاكمة للدستور أو الفوق دستورية وهى قليلة جدا ولا يختلف عليها اثنان  وهى
قواعد تأسيس الدستور
مبدأ المواطنة
مبدأ وحدة الدولة
مبدأ العدالة
مبدأ ضمان الحقوق والحريات
مبدأ تداول السلطة
مبدأ توازن السلطات والفصل التكويني بينها
مبدأ الرقابة الدستورية (بحكم الدستور )
مبدأ استقلال القضاء و سيادة القانون
مبدأ احتكار العنف للدولة
وعند عمل الدستور  يجب عرض كل مادة  من مواده على تلك المبادئ فما وافقها جميعا فهو محل إجماع وما عارض شيئا منها فهو مرفوض ويجب إهماله أو تعديله بما يوافقها فعلى سبيل المثال قد يكون نظام الحكم في الدستور  رئاسيا  ويطرح الدستور للاستفتاء فلا يحظى إلا بأكثرية بسيطة جدا وفى نفس الوقت فإن الدستور يعد إجماعيا بسبب أن نظام الحكم مهما كان شكله فسيكون هناك تداول للسلطة  وفصل تكويني بين السلطات . بينما في حالة الدستور الحالي فإن توازن السلطات معدوم  وهذا يظهر جليا في المادة 127 والتي يستطيع الرئيس من خلالها تعطيل أعمال مجلس النواب لمدة  عشرين يوما دونما مساءلة   وهذا نسف لمبدأ توازن السلطات ويعد من جملة الأعاجيب (المهازل) الموجودة بالدستور التي تدل على عبط أي شخص يمكنه القبول بذلك .
الإرادات المتعارضة(تعارض الإرادات)
ألف باء العقل والإدراك السليم أنه إذا تعارضت إرادتان لشخص في موضوعين متصلين فانه يؤثر الأهم منهما.
عندما حكمت الدستورية ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب هجمت التيارات المتمسحة بالدين  ومن والاها هجوما عنيفا على الدستورية  من وجهين أولهما أنها حكمت في القضية سريعا على غير ما كانوا يتوقعون  ولم تأخذ فترات طويلة مثلما أخذت في الأحكام المماثلة أيام مبارك وثانيها أنه كيف للمحكمة أن تبطل القانون وأن تحل المجلس المنتخب من 37 مليون مصري وأعدوه إهدارا للإرادة الشعبية  وكان على رأس هؤلاء المهاجمين العريان وسلطان والعمدة  والرد على هذه المسألة والذي لم أسمعه من النخب هو
أولا: لا يصح ولا يجب أن يصح أن يعلم شخص أنه انتخب على وجه باطل ويتمنى أو ينتظر أن يظل وجه البطلان مستورا  فهذا من انعدام الشرف فأيما نائب ليست له ميثاق أخلاقي فلا يستحق أصلا النيابة عن الشعب .
ثانيا: أن الشعب أراد الدستور المؤقت (الإعلان الدستوري) من خلال استفتاء 19 مارس والذي المولاة أنفسهم يدافعون عنه في وجه أي أحد ....ثم أراد الشعب انتخاب المجلس المنحل في مخالفة لإرادته الأولى وهنا يجب أن يكون السؤال ... أي إرادة منهما يجب تغليبها على الأخرى؟؟؟
طبعا الإجابة واضحة مثل الشمس ... فلو أننا غلبنا إرادة الانتخابات على الدستور لانهارت قاعدة التشريع مجملة ..... ولكنهم لا يفقهون.
وفى البلاد رجال لا خلاق لهم ......... إن لم أبهدله عيب على شنبى
فقه المدة
في حيثيات أحد الأحكام لمجلس الدولة أشارت المحكمة أن الناخب يحتاج إلى ثلاثة دقائق على الأقل ليدلى بصوته في الانتخابات  منذ دخوله اللجنة حتى خروجه منها. ولنقل  (فرضا)أنه في الاستفتاء يحتاج إلى دقيقة واحدة ومن ثم فإن عدد الناخبين في الساعة يكون ستين ناخبا . في الاستفتاء الأخير  كان عدد الناخبين المقيدين في لجنتي ما يقرب من ثلاثة آلاف وثمانمائة شخص وكان هناك صندوقين أي يمكن لاثنين التصويت في دقيقة  و أغلقت اللجنة أبوابها في التاسعة مساءا أي أن مدة التصويت كانت  12 ساعة ولنفترض أنه تم مدها إلى الحادية عشرة  أي زادت المدة إلى 14 ساعة فيكون عدد الناخبين الذين يستطيعون الإدلاء بآرائهم 1680 ناخبا أي أن 2120 ناخبا تم منعهم عن التصويت قسرا وقس على هذا .
من المفروض أن تكون مدة الانتخاب متوافقة مع عدد الناخبين وإلا فليقل لي أحد الألمعيين من واضعي هذه الإجراءات ما هي فلسفة المدة الانتخابية .
ومن ثم فإن القائل بموافقة الشعب على الاستفتاء فهو إما جاهل أو ضلالي ولو أن دعوة رفعت في المحكمة بهذا الدفع بالبطلان لسقط دستور مصر المحروسة الاخوانى فورا لأن الإجراءات لم تمكن تقريبا 56% من الشعب من الإدلاء بصوته عمدا . فهذا العدد من الناخبين على فرض دقيقة للتصويت يحتاج إلى  1900دقيقة أي 32ساعة تقريبا فكيف يكون الحال لو أن مدة التصويت للناخب كانت ثلاثة دقائق .
يستطيع الحاذق بل الإنسان الطبيعي أن يدرك أن كل شيء في مصر يسير بالعبط  والغريب كل الغرابة أن الحكومة والوزارة كلهم من أساتذة الجامعات ومنهم بالطبع أساتذة قانون وهذا ما يدعو إلى الاشمئزاز من التعليم على كل أصعدته في مصر  التي تسير نحو الهاوية عن طريق هؤلاء الأساتذة .
من يراقب الآن
ما كل من يتغاضى عينه عمشت .... فقد تراه عبيطا وهو شيطان
عندما أسأل بعض أعضاء جماعة الإخوان هذا السؤال: من الذي يراقب السلطة التنفيذية
يقولون : مجلس الشعب.
فأسألهم :هل مراقبة وحاسبة مجلس الشعب للحكومة هو اختصاص أصيل للمجلس أم اختصاص تفويضي من الشعب.
يقولون: اختصاص تفويضي.
فأسألهم
 ومن يراقب ويحاسب ويردع السلطة التنفيذية الآن ؟
فتكون الإجابة.. كلها شهرين ومجلس الشعب جاى  فاصبروا .
هذه طريقة خلط الأمور عند الإخوان فعندما يكون صاحب الاختصاص التفويضي (النيابي) غير موجود يرجع الاختصاص إلى صاحبه الأصيل (الشعب) .
ولا ينكر معارضة الشعب لقرارات الرئيس الأكلاشيه إلا أعمى البصر والبصيرة .فالشعب ذهب إلى الاتحادية للاعتراض على الإعلان الدستوري فهرب منهم .... كيف يهرب المُفَوَّض من صاحب الاختصاص الأصيل . هذا لا عقلاني ولا منطقي (هبل) فالمفروض أن الرئيس المنتخب هو الأكثر إحساسا بالشارع الذي انتخبه وفوضه ولكن سماكة الجلد والوعى المتدنى ساقه إلى أن يرسل لهم مليشياته ليتعدوا عليهم في انقلاب على الشرعية ....ومن بعد الاتحادية طافت المظاهرات كل شوارع مصر معربة عن عدم توافقية الدستور ...ولكن أسمعت لو ناديت حيا ..... وهكذا إلى الآن تزداد الصراعات حدة والأزمة تفاقما .
نعلم أن الأصل في القوانين والقرارات أنها عامة ومجردة والغرض منها هو الصالح العام ولا يمكن حتى لجاهل أن يقول أن قرارا أو قانونا أو إعلانا بلطجيا (دستوريا) يحدث كل هذه الفوضى هو من أجل الصالح العام .
آخر كلام....نحن في دولة ذات نظام غير علمي ولا يمت للعلم بصلة حيث مجموعة من ضعاف العقول معدومي الفطنة محدودي الذكاء تولوا أمر العامة فأحدثوا اضطرابا و عثوا فسادا
ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا