السبت، 8 مارس 2014

الحزب السياسي والعمل العام




من المعلوم يقينا أن العمل إذا لم يكن نتاجا لخطة موضوعة مبنية على تفكر عميق وهذا التفكر ناتج عن محصلة مجموعة من الخلفيات العلمية والخبرات التجريبية ...أصبح العمل عبارة عن محاولات عشوائية لا تأتى بالنتائج المرجوة ويكون تأثيرها من الضآلة بحيث تتلاشى سريعا .
وهذا يجرنا إلى الكلام عن النظرية والتطبيق.....فمن البديهي أن النظرية إذا لم تكن قابلة للتطبيق لأصبحت وهما أي لا قيمة موضوعية لها وأصبحت كأنها والعدم سواء , وبإسقاط هذه المفاهيم على واقعنا المصري يمكنني صوغه كالتالي:
قبل الثورة كانت توصف الأحزاب بأنها كرتونية لعدة أسباب منها
  • أن الأحزاب كانت تقوم بدور السنيد للنظام (كومبارس)
  • أنها لم تغير شيئا في الوعي العام للجماهير
حتى أنها لم تكن مؤثرة في قيام أحداث 25 يناير وكان العمل السياسي النيابي منه والشعبي لا يقوم على فكر بعينه وإنما محاولات واجتهادات خدمية فردية لنيل رضا الجمهور والحصول على تصويتهم وكانت محاولات المعارضين تنصب على ذم النظام القائم والطعن فيه تحت عنوان النائب الجريء و ممارسة تلك الطريقة لم تنفع ولا تنفع لإدارة دولة ولا الرفع من شأنها .
وبعد الثورة عندما نشأت الأحزاب الجديدة فإنها لم تقدم نماذجا جديدة تصحح المفاهيم الخاطئة عن فكرة وكينونة الحزب السياسي (ماهية الحزب) فظلت فكرة العوام عن الأحزاب كما هي (وأنا يا مولاي كما خلقتني) فلم تضف إليهم شيئا ولم تطرح حلولا موضوعية إنما ظلت تذكر مآخذا ومثالبا في بنية الدولة من غير طرح رؤية فكرية للإصلاح . كما أننا عندما نستمع إلى السياسيين أثناء تناولهم لمشاكل النظام في الدولة نكاد لا نجد فرقا بين ما يقوله الليبراليون والاشتراكيون أو اليسار واليمين وهذا من جملة المصائب.
ولمن لا يعلم فإن الحزب هو أرقى كيان في النظام السياسي لأنه من المفروض أنه بما يمتلك من علم ودراسة وخبرة وممارسة مؤسسيه (أصحاب الفكرة وليس الأعضاء المؤسسين ) ما جعله يتخذ مبادئا (فالحزب ليس له مبادىء وإنما يقوم ويبنى عليها) ومن خلالها يبنى تصورا لشكل الدولة وبناءا على ذلك التصور يضع نموذجا لشكل الإدارة الذي بدوره يحل مشكلات المجتمع وأنا أتصور أن كل من انتمى لأحد الأحزاب هو مطلع على فكرة الحزب مؤمن بمبادئه يعرفها شكلا وموضوعا ومن خلال حديثه يستطيع غيره التعرف على مبادئ حزبه , ولكن للأسف أن تصوري على غير الحقيقة وأنا أراهن أن أحدا من الناس لا يستطيع إذا تكلم أحد السياسيين أن يعرف في أي الأحزاب هو وذلك لأن كثير بل معظم المؤسسين والسياسيين ليسوا على مبادئ أصلا وإنما اتخذوا الأحزاب كوعاء أو كقناة شرعية لممارسة العمل العام بغض النظر عن المبادىء أو للبقاء في المشهد ليس إلا.
ولذلك نجد أنه بعد أعوام مضت منذ 25 يناير 2011 لم تتقدم الدولة قيد شبر لا على صعيد الممارسة ولا على صعيد الوعي, الرؤى ضبابية في معظمها والدولة من فشل إلى فشل وذلك لعدم وجود البدائل , وحتى الوزراء الذين  أتوا على خلفيات حزبية فشلوا ذريعا في إدارة أي ملف (جبتك يا عبد المعين) وذلك يدل على عدم وجود حلول داخل الأحزاب نفسها وهذا عجيب.
وكما أن البعض اتخذوا الأحزاب ليظلوا في الصورة نجد أن كثير من الشباب اتخذوها ليس عن قناعة بمبادئ أو أهداف وإنما ليمارسوا ما يسمى بالفعاليات الثورية من خلالها ومن هنا يحدث الخلل في العمل الحزبي مما يصيب الحزب بالشيخوخة منذ مولده لعدم ابتكار الحلول وتجديد الرؤى والأفكار مما يجعل الأحزاب كلها نسخة مكررة عند رجل الشارع.
العالم المتحضر تقوده النخب والعقول الواعية بالفكر والأحزاب فيها متى وصلت إلى الحكم قدمت حلولا ونفذت برامجا أما عندنا فالتغيير شكلي (في السحنة فقط ) كما أننا نعتبر(جهلا) أن نجاح الثورة هو الإتيان بوزارة من المشاركين فيها بغض النظر عن الفكر والإمكانيات .