الأحد، 25 ديسمبر 2011

الاهانة الشعبية


لا تزال هذه الصفحات من تاريخ مصر منذ ثورة 25 يناير وما مر فيها من أحداث كلما أعدتَ قراءتها رأيتَ فيها ما لم تره من قبل وكلما رتبتَ الأحداث تجد أن هناك تراتيب أخرى لا يخالفها المنطق .
و هذه محاولة في إعادة القراءة وفقا لم استجد حتى تاريخه فان النوايا دائما ما تزداد وضوحا مع الوقت .
في شهر فبراير الماضي وبعد هدوء الحالة الثورية نسبيا وأثناء الزخم النقاشى عن متطلبات الفترة المقبلة من مستقبل البلاد طالعنا المجلس العسكري أنه بصدد عمل تعديلات دستورية وهذا ما رفضته القوى السياسية فيما عدا الإخوان المسلمين فمنذ اللحظة الأولى والإخوان والمجلس العسكري فى سلة واحدة ووقتها لم يكن الفلول فى المشهد ولا التيار السلفي متبلورا سياسيا ومنذ هذه اللحظة شُقَّت قوى الثورة.
وكلفت اللجنة المشهورة بعمل التعديلات بمؤازرة المجلس والجماعة وإبان الاستفتاء على هذه التعديلات انضم التيار السلفي والفلول إلى حملة التضليل بمزايا الموافقة على التعديلات تحت مزاعم عدة كاذبة مستغلة حالة الأمية المجتمعية.
وعندما جاءت النتيجة بما تهواه الجماعة و المجلس وسلمنا بعودة الدستور المعطل بعد التعديلات فوجئنا بأشخاص من الجماعة يخبروننا بأنه سوف يتم إصدار إعلان دستوري و قبل أن يتكلم أي أحد عن ذلك لا من المجلس ولا خلافه بل لم يتخيل أي محلل سياسي فى برامج التوك شوز بأن ذلك محتمل الحدوث  ....وحدث.
وبالطبع وجد المحللون أن ذلك منحى غريب و تكلموا باستفاضة  عن أن التعديلات تتم على شيء موجود لإعادة العمل به بعد التعديل وأن صدور إعلان هو اسقاط  للاستفتاء ولكن الجماعة كانت مع الإعلان الدستوري أي أنها كانت القوة المدنية المدافعة عن مذاهب المجلس العسكري.
وعندما صدر الإعلان الدستوري جاء متضمنا بعض التعديلات التى تمت فى الاستفتاء ومسقطا بعضها ومجتزئا أخرى وهو ما يعد ليس إسقاطا للاستفتاء فقط وإنما اهانة للإرادة الشعبية وكل القوى السياسية قالت بذلك قيما عدا الجماعة .
وهنا يكون السؤال الملح: لماذا تقف الجماعة هذه المواقف الغير مشرفة مشككة الجميع في نواياها؟
وبعد ذلك صدر قانون الأحزاب والذي يصب بشروطه في صالح القوى المنظمة(توكيلات من خمسة آلاف فرد من عشر محافظات شرط الموافقة على تشكيل الحزب وكأن الشعب ذو ألمعية سياسية سينضم بمجرد أن تعرض الأفكار عليه)  ولم يكن في صدارة المشهد وقتها إلا الجماعة.
ومع تلكؤ المجلس العسكري في الوفاء بمقتضيات المطالب الثورية كانت القوى الثورية كلما دعت للتظاهر ضد المجلس أصدرت الجماعة أو حزبها بيانا بعدم الخروج تحت مسميات منها الوقيعة بين الجيش والشعب....؟؟؟؟
ومع أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء لم نجد أكثر من بيانات للشجب والإدانة ليس لجهة(واضحة زى الشمس) ولكن لمن فعل ذلك (على سبيل النكرة.....غير معلوم).
بل والمذهل أحيانا أنه عندما يعلق البعض على أنه كان يجب أن يكون الدستور أولا تجدهم بالمرصاد.. تحت عنوان الالتفاف على الإرادة الشعبية(الاهانة الشعبية)...بصراحة لا أدرى بماذا أسمى ذلك.(استعبطنى.. شكرا؟؟؟؟)
إلا أنه وبعد إعلان نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات بالتزامن مع التظاهرات الناجمة عن أحداث مجلس الوزراء وجمعة الحرائر ومطالبة القوى السياسية في معظمها وشباب الثورة بتبكير مواعيد الانتخابات الرئاسية  أعلنت الجماعة عدم موافقتها على ذلك وتكلم بعض قيادييها في البرامج عن أنه المفروض ألا ينتخب الرئيس إلا بعد عمل الدستور الجديد حتى لا نبتلى بديكتاتور وأيضا حتى لا يتم عمل انتخابات رئاسية أخرى مع تغير السلطات في الدستور الجديد وكأن الإعلان الدستوري الذي بمشاركتهم.أسقط به المجلس العسكري الاستفتاء على التعديلات لم يتضمن مواد الرئيس المنتخب وكيفية انتخابه وسلطاته بل يتعاملون معه(الإعلان الدستوري) وكأنه قطعة قماش يقصون منها ما يريدون حتى تصبح على المقاس(خنصرة)طبعا وما كان لهم أن يقولوا بذلك لو كان المجلس يلتزم حرفيا بإعلانه المسقط للإرادة الشعبية.
وهذه المواقف تدعو الى الحيرة ماذا يريد الاخوان المسلمون؟
وجهة نظرى أنه ومنذ اللحظة الأولى والجماعة تريد تسيير المجتمع المدنى المصري وفق رؤاها وخططها وتبذل فى سبيل ذلك أحيانا ما ينال من موقفها السياسي و الانتمائى العام وتسيير المجتمع المدنى لا يقتضى فقط السلطة التشريعية وانما ضم السلطتين التشريعية والتنفيذية فى قبضة واحدة(حكومة برلمانية) ولتفعيل ذلك فى الواقع المصرى لا بد من احتواء الدستور له.. وبالتالي هم يهمهم شكل الدولة بالأساس وليس الحريات العامة كما يقلق البعض خوفا عليها. وهم دائما يطمئنون غيرهم بهذا الخصوص .
ومن هذا المنطلق فإن وجود رئيس منتخب(مؤسسة منتخبة) فى هذه الفترة سيشكل إزعاجا شديدا للجنة وضع الدستور( التى من  المفترض أنها ستكون من الأغلبية أو ستنتخبها الأغلبية) نظرا لأنها ستنتزع سلطاته إلى رئيس الحكومة البرلمانى .. وبما أنه لا يوجد فى الإعلان مواد لسحب الثقة من الرئيس المنتخب فانه لو لم يدع الشعب إلى الاستفتاء على الدستور الجديد فسندخل فى جدال لا ينتهى .. وبما أن الجماعة تحب العمل فى صمت فهى ترغب فى عدم وجود مؤسسة منتخبة أخرى حتى يتم العمل فى الدستور الجديد بمعزل عن التدخلات .
وطبعا المجلس العسكري سيكون بيئة حاضنة بمقابل دستوري ولا مانع عند المجلس العسكري من ذلك.

الجمعة، 23 ديسمبر 2011

الشعب اللاإرادي


الالتفاف
التف على أو حول الشيء : أحاط به وحاصره
ويقال أن الشيء ملتف إذا التوى بعضه على بعض
الإهدار
أهدر حقه : أي أبطله وأضاعه
أهدر كرامة فلان : أسقطها وأذله
عندما تم الاستفتاء على التعديلات الدستورية كان المستهدف إدخال بعض التعديلات على الدستور القديم (دستور 71)ومن ثم إطلاق سراحه بعد تعطيله والناظر في المواد المعدلة يجد ذلك يقينا إذ أن المواد المعدلة لا يمكن تطبيقها بأي حال من الأحوال إلا إذا تم إعادة العمل بالدستور إلا أنه تم إصدار الإعلان الدستوري غير متضمن جزء من التعديلات  .
فالمادة 75 من التعديلات وضعت بالإعلان برقم مادة 26
والمادة 76,77 من التعديلات تم  إدراجها  في الإعلان بأرقام 27,28,29
وكذلك المادة 129 تم إدراجها برقم 31 في الإعلان
وهذه المواد تقضى بوجوب انتخابات رئاسية في ظل العمل بالإعلان الدستوري
إلا أن المادة 189 فقرة أخيرة مضافة لم تتم إضافتها إلى الإعلان الدستوري
(مادة ١٨٩ ) فقرة أخيرة مضافة:
ولكل من رئيس الجمهورية، وبعد موافقة مجلس الوزراء، ولنصف أعضاء مجلسي الشعب
والشورى طلب إصدار دستور جديد، وتتولى جمعية تأسيسية من مائة عضو، ينتخبهم أغلبية
أعضاء المجلسين من غير المعينين في اجتماع مشترك، إعداد مشروع الدستور في موعد
غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض رئيس الجمهورية المشروع، خلال خمس عشرة
يوما من إعداده ، على الشعب لاستفتائه في شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة
الشعب عليه في الاستفتاء.
كما أن المادة 189 مكرر
( المادة ١٨٩) مكررا
يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى تاليين لإعلان نتيجة الاستفتاء على
تعديل الدستور لاختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها إعداد مشروع الدستور الجديد خلال ستة
. أشهر من انتخابهم، وذلك كله وفقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة ١٨٩
تم إدراجها في الإعلان بهذا الشكل
)مادة( 60
يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى في اجتماع مشترك ، بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم ، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو ، تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع ، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده ، على الشعب لاستفتائه في شأنه ، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء .
وبدراسة ما تم ذكره والوقوف على فحواه نجد ما يلي :
أولا:  المجلس العسكري لم يُعِد العمل بالدستور بعد تعديله.
ثانيا : المجلس العسكري لم يضع المواد المستفتى عليها فى الإعلان كما هي بل اجتزأ منها وغير في بعضها
ثالثا : ولأن المجلس لم يُعِد العمل بالدستور القديم فقد وضع نفسه محل رئيس الجمهورية إلى أجل غير مسمى في الإعلان الدستوري .
وفى هذه الثلاثة أشياء.إهدار للإرادة الشعبية الواردة في نتيجة الاستفتاء على التعديلات ورغم ذلك نجد أن معظم القوى السياسية ولاسيما المسماة بالأحزاب ذات المرجعية الإسلامية لم تتخذ موقفا من ذلك بل دافعت عن تجرؤ المجلس العسكري على الإرادة الشعبية ومجاراته في ما ذهب إليه من إسقاط للاستفتاء بل وكلما تكلم أحد عن أنه كان يجب أن يكون الدستور أولا هاجموه كيف يتأتى أن يحدث نفسه بذلك تحت زعم أن ذلك التفاف على الإرادة الشعبية...أليس هذا قمة الخفة والاستخفاف .
وأعجب من ذلك هو أن الشعب الذي تم إهدار إرادته لم يَثُر صونا لحقه و تحقيقا لإرادته بل تصرف تصرفا لا انتمائيا وكأن ما يحدث ليس في دولته أو كأنه لا يزال يشعر بأنه ليس له كلمة تُسمع أو إرادة تُحترَم كما كان في عهد المخلوع.
بل الذي يفقدك عقلك هو ذهاب معظمه لما ذهب إليه المجلس المسقط لإرادته وكأنه يحب الامتهان والذل ويعلى شأن من ساقه كالأغنام  .
ومن ثم فلا عجب من أن يظل التخبط سائدا في كل القرارات الواجب اتخاذها في المرحلة الانتقالية ولا يلام في ذلك سوى النخبة الموجعة أدمغتنا ليلا ونهارا فى برامج التوك شوز .
لأن تنازل النخبة عن كل محصلتها العلمية والفكرية  في مواجهة كرسي السلطة أيا من كان الجالس عليه هو ناتج عن إما إحساس بالضآلة أو الجبن أو انتهازية رخيصة أو نفاق ووصولية.ولا فرق بين ما يفعلونه وما كان الأساتذة والدكاترة يفعلونه تملقا للرئيس الغبي المخلوع .

الخميس، 22 ديسمبر 2011

إسقاط الدولة

لقد كنت راغبا في التوقف عن الكتابة لأنني تقريبا أفرغت جعبة تعليقاتي على المشهد المصري في المقالات السابقة ولكن وللأسف أصبح من السهل استفزازي عن طريق مانشيتات الصحف وقد كان صعبا قبل ذلك.
لقد طالعتنا بعض الصحف اليوم بهذا المانشيت(مصدر مسئول: مخطط لإشعال البلاد وإسقاط الدولة يوم 25 يناير) http://www.almasryalyoum.com/node/561851
وأولا هناك سؤال يفرض نفسه.....ما هى الدولة؟
الدولة هي : تجمع بشرى ذو نطاق جغرافي تحت نظام سياسي
أو بتعريف آخر الدولة هي تجمع سياسي يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادي في نطاق إقليمي محدد ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة.
أى أنها أضلاع ثلاثة : حدود جغرافية وشعب ونظام حكم
والدولة عند نشأتها يقيمها الشعب أي أن التجمع البشرى هو المنشئ للدولة . يقوم الشعب بفرض سيطرته على منطقة يحميها ومن ثم يكون الحدود الجغرافية وبعد ذلك يضع الشعب نظاما لحكم نفسه وهو الدستور وما ينبثق عنه.
هل يعنى إسقاط الدولة إزالة أحد الأضلاع الثلاثة لها؟ .
الإجابة : لا..
فالحدود الجغرافية يلزم قوة ردع لحمايتها... والشعب تلزمه سيادة القانون..... ونظام الحكم يلزمه العدل لاستقراره..
ومن هذا المنطلق فإن نظام الحكم في مصر سقط منذ سنين مضمونا ومع الثورة شكلا. ولا شك من أن القانون لم يصبح ذا سيادة وإنما أصبح منزوع السيادة إذ أنه لم يطبق فيما مضى مما جعل الشعب في حالة استعداد للقنص دائما وظهر هذا جليا في حالة الاستباحة لكل ما هو عام أو خاص قبل وبعد الثورة ومن الواضح انقسام الشعب في كل رؤاه (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى)
أما الحدود والموكل بحمايتها الجيش فلا نعلم علم اليقين قدرته على حمايتها ونظن أنه قادر.
وسقوط النظام أو سيادة القانون لا يعنى إسقاط الدولة . وإنما تسقط الدولة تماما لو انتهكت حدودها وتم احتلالها لأن في أعقاب ذلك انهيار باقي أضلاعها..
فعلى سبيل المثال ففلسطين ليست بدولة وإن قيل عنها ذلك فقط لأنها تحت الاحتلال وحدودها مستباحة على الرغم من وجود نظام حكم وأهلها في رباط وعلى العكس تجد أن بعض الدول والتي فيها حروب أهلية هي ذات سيادة على الرغم من عدم وجود للنظام أو تعايش مجتمعي.
وبناءا على ما سبق فالمقصود من إسقاط الدولة هو الاحتلال أو الوضع تحت وصاية دولية.
وهذا الكلام للمصدر المسئول خال من أي استعداد لإفشال هذا المخطط إن وجد بل أزعم أنه خالي من أي نية لتسليم الحكم كاملا في المستقبل المنظور بل يحتوى ضمنيا على حضانة عسكرية لمن هو آت.
وما من شك أن المجلس العسكري فشل في إدارة المرحلة الانتقالية ولكن الشك في أن هذا الفشل عن قصد أم لا؟
ولو أن كثير من الناس يجزم بأنه يعرف الإجابة ....
إذن ما الحل الذي يقدمه المصدر المسئول لتفويت الفرصة على (المغرضين)....(" كما عوّل المصدر المسؤول على وعى الشباب وجموع المواطنين والثوار الشرفاء الذين قاموا بالثورة الحقيقية يوم 25 يناير، وعدم التورط في هذا المخطط والإساءة للبلاد، مشيراً إلى أن ما يفصل عن 25 يناير المقبل وفتح باب الترشح على منصب رئيس الجمهورية نحو شهرين ونصف الشهر، لتتحقق أول انتخابات رئاسية لاختيار رئيس مدني للبلاد")
إلى الآن لم يع المجلس العسكري أن الثورة لها أساس فكرى وأن بين فكر المجلس وفكر الثورة كما بين الاستاتيكا والديناميكا (السكون والحركة).كان يجب أن يعول المجلس على فعل ذاتى منه يرضى به القوى السياسية ولا سيما الثورية لا أن يعول على سلوك الآخرين.

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

سكتوا دهرا


عقب التفجير أمام كنيسة القديسين تم القبض على السيد بلال وآخرين وتم تعذيبهم  بواسطة مباحث أمن الدولة حتى توفى سيد بلال من أثر التعذيب وقبل هذه الواقعة كان مقتل الشاب خالد سعيد على يد أبناء العادلى أيضا
ولم يكن للجماعات المسماة بالسلفية أدنى موقف مشرف تجاه هذه الأحداث بل إن الحركات والمنظمات التي تتهمها هذه الجماعات(المسماة بالسلفية) بالكفر والإلحاد كانت أكثر مروءة وأشد بسالة فى الدفاع عن حقوقهم والمطالبة بالقصاص
وتصرفت هذه الجماعات(المسماة بالسلفية) وكأنها أقلية مؤمنة في أمة كافرة ولا بد من الامتثال والصبر على الظلم حتى التمكين.
ولا يمكن أن يظن بهذا إلا معتوه.
وعندما قامت الثورة هاجمتها هذه الجماعات وهاجمت من قام بها بل وقذفتهم بالضلال والإلحاد وخلافه وكأن التكفير والرمى بالضلال والتفسيق جزء من عقيدتهم وأفتى بعض مشايخها بحرمة الخروج  تحت مسميات منها وأد أو درء الفتن الخ ....ومقاطع اليوتيوب مليئة بهذه الآراء السخيفة المبنية على فساد الاستدلال وسوء الفهم
ثم بعد نجاح الثورة وجدنا الأنوار المتلألئة البهية والسحنات المشرقة تهل علينا من كل كهف غابر ومن كل قوقعة لتتصدر المشهد وكأن الله أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجهم من جحورهم سالمين.
وعندما قال المجلس العسكرى بالتعديلات الدستورية وجدناهم يدافعون عنها وعن قبولها وكأنها الشهادتان قاذفين من ينادى برفضها بأشد أنواع  السب فمن علماني كافر إلى ليبرالي ملحد وهو دفاع فى غير موضع يبين ضآلة فكر وضحالة ثقافة ويبرهن على الضدية والحقد و الرفض للآخر لا أكثر  .
ثم بعد غزوة الصناديق وكلما خرج الثائرون لمطالبة العسكري بتنفيذ المطالب الثورية لا تجد منهم من يتبنى هذه المطالب وكأن الثوار قاموا بهذه الثورة ليسلموها لهم( تسليم مفتاح ). وحينما خرجوا سميت جمعة قندهار!!!
وعندما قتل وسحل المعتصمون من أهالي الشهداء والمصابين في نوفمبر الماضي  كانوا وكأنهم صم عمى بكم عن الأحداث منشغلين بالانتخابات .... مع أن هذه الانتخابات التشريعية نتاج تضحيات هؤلاء.
وفى الأحداث الأخيرة وبعد فضائح المجلس العسكري فى قمعه للثوار وتعرية الثائرات والتي انتشرت عبر البحار والتى اعترف بها المجلس وقال أنه سيجرى تحقيقا يخرج علينا بعض من هؤلاء ليبعد عن نفسه تهمة الجبن وانعدام النخوة باتهام الثائرات فى شرفهن ناسيا الله ورسوله ومتبعا ما يلقى الشيطان على خاطره ... غائبا عن روعه أدنى معانى الرجولة.
غيرى بأكثر هذا الناس ينخدع.........إن قاتلوا جبنوا أو حدثوا شجعوا
يا أيها القوم ....لقد سئمنا نفاقكم .....فاصمتوا....فالصمت أبلغ أحيانا من الكلم

الاثنين، 19 ديسمبر 2011

الشعب الانتهازي.


انتهز الشَّيءَ:  قَبله وأسرع إلى تناوله
انتهز الفُرْصةَ: اغتنمها وبادَر إليها / استغل نقطة ضعف.
الانتهازية  وقصر النظر صنوان فالشخص الانتهازي بالمعنى المشاع  يتمتع بانعدام التخطيط للمدى الطويل فهو دائما مرابط ومتحفز لاقتناص المغانم القريبة  والانتهازية يخلقها الحرمان أولا.
 حتى أنه يوجد مثال منتشر في أفراد الجيش المصري كنت دائما أسمعه عندما يأتي التعيين(الأكل) فترى العساكر يتهافتون وقل يمد يده ليأخذ ما تقع عليه أيا ما كان المهم يلحق وكان المثل يقول (إن جِه الموت خده الأول).
وهذا المثال يعنى أنك لن يمكنك بلوغ حقك إن لم تخطفه لأن من حولك سيقتنصونه وطبعا الغلبة للأقوى.
وغالبية الشعب المصري تم تجويعه إما غذائيا أو فكريا أو سياسيا(ماديا ومعنويا) خلال عقود الاستبداد بل أهدرت كرامته حتى قالت بعض النخب أن تم تجريفه. والتجريف هو إزالة الطبقة الخصبة الغنية .والتجريف و التبوير لهما غاية واحدة ألا وهى عدم الإنبات إلا بعد الاستصلاح وتظل هذه الأرض(الأغلبية) المجرفة غير صالحة  مهما بذرت فيها وسقيتها حتى يعاد استصلاحها(تعليميا وثقافيا). ولم تسلم كل الطبقات على اختلاف أنواعها منه ولكن بنسب متفاوتة.
الداعون إلى الثورة المصرية والمبادرون إلى القيام  بها لا شك أنهم الأقلية التي لم تذعن تحت رزء القمع ولم تتشارك مع النظام بأي نسبة فى العمل السياسي(الكعكوى) فهم لا يعرفون المداهنة وإنما واضحون لم يؤثر في شفافيتهم  كدر النظام ولم يستجيبوا لمساومة أحد على مبادئهم ومواقفهم الرافضة للنظام شكلا وموضوعا.
ولو تمت دراسة الخط الزمني لعدد المتظاهرين ابتداءا من 25 يناير وحتى التنحي  لوجد أنه حتى يوم الخميس 27 يناير كانت الفئة الحالمة هي التي فى مواجهة النظام فى المحافظات الثلاث (القاهرة والإسكندرية والسويس) ومن يوم الجمعة 28 انضم إليهم طلاب الحريات على اختلاف توجهاتهم فى محافظات ومدن الجمهورية وحتى مليونية الثلاثاء 1 فبراير كانت نسبة الثوار لا تتجاوز الـ3 % من الشعب المصرى على أقصى تقدير وموزعة على سائر الجمهورية ولما خطب المخلوع ليلة الأربعاء 2 فبراير خطابه المثير للجدل  الذى لم يلب طموحات الثائرين رضى به بعض السياسيين والإعلاميين والصحافيين وطالبوا الثوار بالتهدئة والانفضاض بل وتعاطفت مع الخطاب الأغلبية الصامتة  وجهز البعض منهم نفسه للخروج بمسيرات تأييد للرئيس.
ولولا فضل بلطجية النظام يوم الأربعاء الدامي 2 فبراير (موقعة الجمل)لأخذت الثورة منحى آخر وكذلك لولا تبيان الجارديان والجزيرة الفضائية  لثروات المخلوع لضربت الثورة فى مقتل .
ومع تعنت المخلوع بدأ نظامه فى محاولة استمالة بعض القوى السياسية من المعارضة والتى كانت مشاركة له فى لعبته السياسية عبر سنوات مضت من خلال الجلوس على طاولة المفاوضات مرة فى العلن ومرات فى السر ملوحا لهم ببعض الامتيازات  المستقبلية فى حالة فض الميدان ولولا جسارة الشباب الثائر ومن خلفه بعض النخب الصادقة التي لم تتواطأ مع النظام من قبل لتم الالتفاف على الثورة.
ومع تواتر الأحاديث عن الثروات المنهوبة من الرئيس وزبانيته انضمت للثورة فئة كبيرة من الشعب قدرها البعض يوم التنحي بــ 15 مليون نفس أى خمس الشعب تقريبا مما أجبره على التخلى عن الرئاسة.
وبدراسة تلك الفترة ابتداءا من الدعوة الى التظاهرات وحتى التنحي يتضح أن
1)      بعض القوى السياسية عرضت على النظام تقديم تنازلات من جانبه (مطالب لإصلاح النظام السياسي)أثناء الدعوة للتظاهرات لتلافى القيام بها .
2)      أعلنت بعض القيادات  المعارضة عن عدم مشاركة أحزابها فى التظاهرات. ثم تصدرت المشهد الثوري  رغم ذلك وتفاوضت مع النظام ولكن لم يلب النظام ما كانت تطمح إليه من تنازلات
3)      بدأ انفضاض بعض القيادات من حول البرادعى وهى التى كانت ملتفة حوله قبل التظاهرات وحتى ظهور بوادر نجاحها Шل بدأ بعضهم في مهاجمته مع أنه كان محوريا بالنسبة لهم خلال الإعداد لهذه الثورة الغراء
4)      انضمام فئات من الشعب إلى الثورة بعد الإعلان عن نهب الأموال والثروات تحت عنوان عاوزين فلوسنا
5)      مطالبة الثوار بالتهدئة والانفضاض من خلال بعض السياسيين والإعلاميين والصحافيين بعد الخطاب الأول للمخلوع
6)      قيام بعض رجال الأمن وخصوصا المباحث وأمن الدولة بتنظيم مسيرات مكونة من بلطجية  ومسجلين وبمعاونة أعضاء المجالس المحلية ونواب سابقين وأعوانهم تأييدا للمخلوع عقب الخطاب الأول والثاني .

مما سبق يتجلى بوضوح قبل وأثناء الثورة أن كل فصيل من المعارضة أو السياسيين أو المنهوبين أو الإعلاميين أو حتى رجال النظام السابق  كان يعمل لتلبية متطلباته ومصالحه أو توجيه الثورة لخدمة أيديولوجيته بمنتهى الانتهازية .أما انتهازية هذه القوى عقب الثورة فقد تم تناولها فى مقالة سابقة بعنوان (نفاق القوى السياسية ومسئوليتها عن سوء ادارة البلاد)
وعلى الجانب الآخر (وأقصد بالجانب الآخر هنا القوم الذين لا يهمهم ما يجرى فى البلاد والذين هم حتى الآن يهاجمون الثورة مع أنهم كانوا أول المستفيدين منها) نجد أنه عقب اختفاء الأمن من المشهد أثناء الثورة حدث الاتى:
1)   استباح المزارعون عشرات الآلاف من الأفدنة من الاراضى الزراعية فى إقامة مبانى ومنشآت سكنية وتجارية فى انتهاز واضح لغيبة مؤسسات الدولة.
2)      قام السائقون فى كل مواقف الجمهورية بزيادة الأجرة وزيادة أعداد الركاب بالمخالفة للقانون.
3)      تم تهريب المواد البترولية أو تخزينها لبيعها بأزيد من سعرها الاصلى .
4)      إخفاء أنابيب البوتاجاز لبيعها بأضعاف أسعارها .
5)      تم التعدي على سائر أملاك الدولة إما بالبناء أو الاستغلال للتربح من ورائها.
6)      تم بناء أدوار سكنية مخالفة فى معظم محافظات الجمهورية.
7)      كثير من حالات الغش الجماعي في الامتحانات تمت تحت سطوة الفراغ الأمني ودرءا للهجوم على المدرسين.
8)      قيام كل فئة من فئات المجتمع بعمل مظاهرات فئوية من أجل الحصول على زيادات مالية .
أي أن الانتهازية كانت السمة الغالبة على معظم المجتمع المصرى منذ قيام التظاهرات لم يسلم منها الا الحالمون(الثورة يقوم بها الحالمون ويغتنمها الانتهازيون والمرتزقة) ثم دائما يتواتر الكلام فى كل محفل عن أن تعطيل الانتخابات البرلمانية التفاف على إرادة الشعب والمفروض أن لا يقولوا ذلك لأن شعبنا نفسه ملتف أصلا (يعنى مبروم على مبروم ما يلفش)

الأحد، 18 ديسمبر 2011

الشعب " العظيم "



في مادة التاريخ ندرس منذ نعومة أظافرنا الحضارة المصرية العريقة من الأسر الفرعونية وحتى حرب أكتوبر"المجيدة" ووجدنا عبر دراستنا أن مصر كانت مرتعا للغازين وملعبا للمحتلين و حلبة للمتصارعين وأن الحضارة المصرية بنتها القوى الاستعمارية آنذاك("قدم الهكسوس لمصر بعض من التكنولوجيا الحربية التي كانت تستعملها الشعوب السامية من عربات تجرها الخيول والأقواس المركبة والفؤوس الخارقة والسيوف المنحنية") ("أنشأ البطالمة في الإسكندرية مكتبة ضخمة كانت تعد أعظم مكتبة في العالم احتوت على أكثر من نصف مليون لفافة بردى، وقد أمر البطالمة أن يهدي كل زائر من العلماء مدينة الإسكندرية نسخة من مؤلفاته وبذلك وصل عدد الكتب بالمكتبة أكثر من 700 ألف كتاب·")ثم الرومان وفى عهدهم ("اشتهرت صناعة الزجاج والورق والكتان إضافة للعطور وأدوات الزينة في مصر.")
وبعد الفتح  الاسلامى  تناوبت الدول حكمها فمن الفاطمية إلى الإخشيدية إلى الأيوبية ثم المماليك ثم الأتراك ثم الفرنسيون ثم أسرة محمد على وفى عهدها كان الاحتلال مزدوجا ففي حين كان يحكم مصر الألبان أبناء محمد على باشا احتل البلاد الانجليز حتى الجلاء.
ومن بعد الجلاء وتولى الجيش الحكم عادت البلاد إلى سيرتها الأولى حكام مستبدون متفردون بالسلطة محبون للمجد فعندما حدثت هزيمة 67 سميت بالنكسة ولا أدرى سبب التسمية فدولة محتلة منذ كتابة التاريخ عندما تنهزم فلا ضير إلا أنهم أشعرونا وكأننا دولة عظمى في انتصارات على مدى تاريخها.
 وما زالوا يحدثوننا حتى بعد تنحى المخلوع عن عظمة هذا الشعب ففي أي شيء تتجلى هذه العظمة؟؟؟40% من هذا الشعب لا يقرأون ولا يكتبون و 80% أمية ثقافية إن لم تكن تزيد, مليون بلطجي ومسجل أمن ,غش فى جميع الامتحانات على مستوى الدولة, مهارات متدنية في جميع المجالات ,مجالس شعبية ومحلية مزورة, جميع الوظائف الحساسة وغير الحساسة بالرشوة,الدخول إلى كليات معينة إما بالرشوة أو الوساطة ,شعب مصاب بأمراض مزمنة,شعب لم يقدم تضحيات من أجل حريته ,شعب عندما ثار أحراره لا يزال ينقلب عليهم ويتهمهم.
أظن أن عظمة هذا الشعب تتجلى فى اتصافه وتحمله لهذا الكوكتيل من العلل والأمراض النفسية والازدواجية والخلل الفكرى  و المعرفى على مدار التاريخ 
..................................................
أنما الشعب العظيم هو قوم من المساجين والمرتزقة تم نفيهم إلى أرض جديدة فأقاموا أقوى دولة في العالم(الشعب الامريكى) و الذى يتهافت كل فرد فى هذه الدولة لنيل فرصة الهجرة إليه.والذي برز من برز من أفرادنا بسببهم وعلى أرضهم وبإمكانياتهم.

الجمعة، 16 ديسمبر 2011

بلاد جحا


يحكى أن جحا كان نايم جنب مراته بالليل .فهزته وقالت الحق يا جحا فيه صوت فى المطبخ باينه حرامى.قالها يا وليه ما تخافيش انتى نايم جنبك راجل...قالت له يا جحا ده ماشى فى الصالة ...قالها يا ولية متخافيش انتى نايم جنبك راجل.قالتله يا جحا ده دخل علينا .الحق يا جحا ده شالنى وماشى بيه ..قالها روحى معاه انتى سايبة فى البيت راجل.
بعض مرشحي الرئاسة عندما يتحدثون عن الواقع المصري فى برامج التوك شو يواربون فى كل إجاباتهم فتجد الكلام المطاط الذى يحمل المعنى وضده ابتغاءا لرضا البعض واتقاءا لعداوة البعض فلا يظهر لهم توجه بعينه وانما أصبحوا مثل وزراء الخارجية ذوى الأحاديث المائعة خشية فقد أصوات فصيل أو آخر فى الانتخابات الرئاسية.
 قليل جدا منهم من يعرض رؤياته الشخصية ووجهات نظره فى المشهد السياسي بصراحة ووضوح لا لبس فيه ولا يهمه إقبال فئة أو إعراض أخرى.
ومن هذا القبيل أقتبس هذه النص من على تويتر
(حمدين صباحي في حسابة على تويتر: من حقنا أن نعرف فورا من المسئول عن إدارة البلاد واتخاذ قرار فض الاعتصام بهذا الأسلوب، لابد من محاسبة المسئولين عن جر البلاد إلى أزمات متتالية)
أنا أعتبر أن هذه نكتة فلقد ثكلتنا أمهاتنا إذا كنا لا نعرف .
وهذه المواقف لم تقف عند مرشحي الرئاسة بل و الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات البرلمانية  وقادتها يرقصون على السلم فانظروا إلى هذا التصريح من المرشد العام.
بديع : لو بيننا وبين الصدام مع المجلس العسكري  شعرة لأرخيناها.
وبعد التدقيق والتفحص والتمحيص أستطيع أن أقول للمرشد أنك ستظل ترخيها أبدا (كالعادة).
فارق كبير بل النفاق يظهر في تباين  الخطاب الحزبي  فما تعرضه قواعد الأحزاب للناس في الشارع من رؤى وبرامج ثورية لإصلاح البلاد عكس ما يظهر في خطاب قادتها من انقياد واستسلام  لإدارة البلاد وكسب مودتها وغض الطرف عما ترتكبه فى حق البلاد والعباد.
ومن المفارقات العجيبة أن كل الأحزاب تتحدث عن أن نظام المخلوع موجود وأن رأسه فقط الذى سقط إلا أنها فى نفس الوقت فى شهر عسل مع حامى النظام .