الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

مؤامرة المؤامرة



مؤامرة المؤامرة

يزعم المهرجون ممن يسمون بالساسيين والاعلاميين أن جمهورية مصر متعرضة لمؤامرات تترى .فتارة من الدول الكبرى و أخرى من دول جوار وحقيقة الأمر أن هؤلاء المهرجين هم الذين يتآمرون عليها حتى تظل أوضاعهم مستقرة و مصالحهم مستمرة.

القول الوضح هو أننا دولة متخلفة علميا بكل ما تحمل الكلمة من معان ويعلم القاصى والدانى والعالم والجاهل والحيوان والجماد أن لو أعطتنا الدول الأجنبية ظهورها لمتنا حقيقة لا مجازا .

فالناتج المحلى من الغذاء لا يقيت الدولة لأشهر قليلة من السنة ونتغذى معظم السنة على ما صنعت أيديهم بل وندافع عن أنفسنا بما صنعوا .

فإذا كنا نستورد الغذاء والسلاح منهم  فبدلا من أن يتآمروا علينا .. يكفى أن يمتنعوا عن إمدادنا بما نحتاجه ليهزمونا بالقاضية فى وقت قياسى ولكن مصالحهم التى تقتضى استمرارنا واستقرارنا تمنعهم من ذلك .

ولو لا أننا دولة متخلفة فعلا لما تبوأ هؤلاء المهرجون مكانات يفترض أنها ذات حيثية فى هذا المجتمع ولما أثروا فى العوام فتغنوا بألسنتهم السليطة و تبنوا آرائهم العبيطة .

وما ينتج عن التخلف هو تخلف لا محالة فالسلطات والمؤسسات و الأجهزة.... الخ من ركائز الدولة هى متخلفة بالتأكيد فليس بمعقول أن يجتمع  الضدان التخلف والتقدم سويا ولابد لأحدهما أن يطرد الآخر لاستحالة استمرارهما معا ""ومن المعلوم بالضرورة من أزاح الآخر منهما"".

ولا ضير أن نعترف بتخلفنا الذريع بوضوح وشفافية إذا كنا صرحاء لأن الجريمة الكبرى هى عدم الاعتراف الذى هو أول سبل التقدم فى هذه الدولة المتعايشة مع خداع الذات الذى هو تآمر على الذات.


الجمعة، 3 يونيو 2016

السيسى ..... والدولة ..... وما بينهما من مسائل ... (2)




الفساد (1)..... الدعم
من المعلوم اصطلاحا أن الدعم هو مساندة  و مساعدة  و إعانة  الغير قادر  في تلبية  احتياجاته  و من  ثم  فإن  دعم  الحكومة للسلع  هو  أن تدفع جزءا من ثمنها من  صندوق  الموازنة لتظل  فى  متناول  المواطنين  الغير قادرين  على القيام بأعبائهم  الضرورية .
وأول ما يقفز  إلى ذهن الناظر فى التعريف  الاصطلاحى  هو تعبير المواطنين غير القادرين ( الذين يسميهم النظام محدودى الدخل) فيسأل :
من هو محدود الدخل ؟ وما هى آلية تحديده؟
أو بتعبير آخر من هو غير القادر ؟ وهل هو غير قادر جزئيا أم كليا؟ وهل ستدعمه الدولة بشكل كامل أم جزئى؟ هذه الأسئلة  إذا دارت فى ذهنى فقطعا تكون دارت فى ذهن صاحب القرار  ولكن أسلوب  دعم الخبز والسلع عندنا هو عبارة عن قمة التهريج و  المسخرة العلنية .
فالدعم فى مصر  يتجلى  فى  وجهين دعم  الطعام  و دعم  الطاقة حسبما  تقول الحكومات المتعاقبة  فإذا قلنا أن الدولة تدعم السلع  فإن  المستفيدين من القادرين يفوقون  غير القادرين  فى صرف المواد الغذائية وما أكثر ما يترك القادر   نصيبه للتاجر  و الوسطاء   (بعدم استفادته من السلع المدعومة)فنراهم وقد أثروا على حساب المال العام  و أنا على المستوى الشخصى لم أستلم كوبون الغاز لأكثر من عام  فهل إذا ذهبت إلى مكتب التموين المختص وسألت عن الكوبونات  سأجدها عادت إليهم  ؟  بالقطع  لا
 وكذلك دعم الوقود الذى يستفيد منه البعض دون البعض .....فمن البديهى أن  معظم الناس لا تمتلك سيارة  و الذى يملك سيارة هو أيسر حالا ممن لا يملكها من غير القادرين فكيف تدعم الدولة شخصا عن ميزة ليست فى متناول الآخرين من المستحقين للدعم  أو كيف لا تدعمهم  بما يوازى  دعم الوقود لمن عندهم سيارات .
من البديهيات أن أول ما ينبغى عمله  لأى شخص يتولى منظومة الدعم هو معرفة دخول الأفراد ومن ثم وضع  حد  أدنى للدخل يصرف على أساسه  الدعم  الكلى  وكذلك الحد الذى لا يستحق  صاحبه   دعما  وبين الحدين يكون   دعم الأفراد كل حسب احتياجاته الضرورية .

الثلاثاء، 31 مايو 2016

السيسى ..... والدولة ..... وما بينهما من مسائل ... (1)




العدالة المدنية و الانتماء
ذكر الرئيس السيسى فى أحد أحاديثه فى جلسة مع (من يسمون) رجال الأعمال  أنه تولى الرئاسة  والدولة  "قطعة حديدة" على حد قوله .
 وحتى لا أحمل الكلمة أكثر مما يقصده الرئيس فان التفسير الواضح انها خردة   أى تم سلب خيراتها و العبث بثرواتها و اهمال مصالحها حتى أصبحت على الحديدة .
ومصر تعانى بسبب ذلك ( فساد داخل أجهزة و مؤسسات الدولة عبر عقود) من مشاكل جمة كالسرطان المتغلغل فى أعضاء الجسم ويراد التعامل معه دون خسائر جسيمة  وهو ما يتطلب معرفة مكان الورم (الفساد) فى كل عضو (جهاز أو سلطة) و أسبابه وعلاقته بغيره من الأعضاء (الأجهزة الأخرى) ولا يصلح لفعل ذلك إلا أشخاص  يتميزون بشيئين  العلم الغزير والخبرة الواسعة أى أننا فى حاجة ماسة  للمحترفين وليس لمجموعة من الهواة (الوزراء) .
والعلم الغزير لا يعنى الحصول على دكتوراه فالذين جعلوا مصر على الحديدة هم  دكاترة جامعة .. وانما العلم الغزير عند المهتمين بفلسفة العلم ونظرية المعرفة , مع الخبرة الواسعة بوضع وتراكيب هيكلية النظام الموجود.
وأول ما أبدأ به هذه السلسلة من المقالات (المتجردة عن التحيز لشخوص أو لفكر بعينه) المتعرضة لأسباب هذا الانحدار والانحطاط التاريخى وكيفية معالجته (فيما بعد) هو أهم شىء تقوم عليه الدول ألا وهو العدالة المدنية والانتماء
الانتماء هو شعور معنوى يتولد من ارتباط محبة بين الشخص وشىء ما .... ومظاهره  أن يجعل الشخص حريصا على ذلك  الشىء  مهتما به  و يكرس  من  أجله  الجهد  و الوقت للحفاظ عليه و صونه  و  تنميته  وإدامة إبرازه  فى أبهى صورة . ومن هذا المنطلق يبرز السؤال المنطقى والجدلى
هل المصريون منتمون؟
يحضرنى هنا كلام الشاعر الفكاهى حسين المصرى
وأحياء مصر إن تكن وطنية ........ تجد وحلة فيها من الرجل للفم
الزبالة تملأ كل شوارعها كأنها مزبلة كبيرة ....التلوث يملأ كل مجاريها المائية و هوائها....التعديات على الأملاك العامة و الأراضى الزراعية لا تخفى على الأعمى ..... وعن الغش فى الامتحانات بمعرفة المعلمين و أولياء الأمور حدث ولا حرج ..... وعن التزويغ من العمل والاهمال فيه فقل ما تريد ......وعن التهرب من الضرائب فتغن بذلك...الخ.....والمقام هنا لا يسع إظهار تعديد كل مظاهر الـ....................
الناظر فى تعامل المصريين مع دولتهم  يرى مظاهر ضعف الانتماء .... وأنا أرى ذلك  مرضا يصيب الدولة وليس سبة  أو خيانة  تعرو  الأشخاص  فالانتماء مثل أى شعور  له  ما يقويه  و له  ما  يضعفه  ليس  بالكلام المعسول عن حب الوطن والتغنى به . وهنا يبرز السؤال التالى وهو....مالذى أضعف انتماء المصريين ليهينوا دولتهم هذه المهانة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الاجابة واضحة وضوح الشمس ......العدالة المدنية أو الاجتماعية (و الديموقراطية تضمن استمرارها)
من المعلوم بالضرورة أنه لو لم توجد حصة تشاركية عادلة لخيرات المجتمع فهذا يعنى الفساد والفساد يبدأ من المحسوبية والمحسوبية تضع الشخص فى غير محل مما ينتج عنها قرارات منحرفة تعبر عن ولاءات لأصحاب الأيادى فتسلب هذه القرارات حقوق مستحقيها فتنعدم الثقة فى النظام و المنظومة فيبدأ أفراد المجتمع فى العمل كل لمصلحته الذاتية بعيدا عن النظام فيزداد انحراف النظام و محاسيبه  فى استحلال الثروات العامة وتزداد لا مبالاة المجتمع بالدولة وتصبح الدولة شتى فمنهم مستحل للمال العام ومنهم الغشاش ومنهم المستغل لعمله المثرى منه ومنهم المتطرف وهذه بالضبط النقطة التى نقف عندها.
والمحسوبية والواسطة فى مصر على مدى عقود يقرؤها القارىء وغير القارىء ولم تسلم منها وظيفة عامة فى أى مؤسسة من مؤسسات الدولة (أى مؤسسة من مؤسسات الدولة) وأصبحت الوظائف العليا والقيادية فى مصر للاكثر انحناءا وطاعة فأكثروا فى الارض الفساد ومنحوا  امتيازات  تلى الأخرى (فمنها مالية ومنها عينية بسبب وظائفهم المأتية عن باطل) مما خلق  جيلا  حانقا ساخطا على البلد ينشد الهجرة منها الى غيرها لشعوره بانها ليست وطنه الذى يرجو.
ومن ثم فلتقوية الانتماء الى هذا البلد وجب قبل كل شىء إقرار العدالة الاجتماعية.. و  كيفية ذلك سأدلو  برأيى فى تطبيقها بعد التعرض لكافة ما يعانى منه مجتمعنا من أمراض مجتمعية .