الأربعاء، 26 فبراير 2014

مصر و المصريون و الثورتان بدون رتوش



قبل 25 يناير 2011
لا شك أن الفشل أصاب بنية الدولة الأساسية خلال فترة حكم حسنى مبارك (كما أنه لا شك في أن مبارك لم يتسلم من سابقه نظاما سليما مستقرا ) فكل قطاعات وأجهزة ومؤسسات الدولة بلا استثناء (بلا استثناء) أصابها الفساد المالي والادارى والفني وانعكس ذلك على المواطنين في أحوالهم وأرزاقهم ومعايشهم جميعها (على كل الأصعدة) علما وعملا وأخلاقا فتفشى الجبن وحب المادة (المال) والمحسوبية والرشوة إلى آخر  تلك المظاهر المنحطة الذي طغت على النخوة والكرامة في الجماهير بدرجة كبيرة وارتضوا بذلك.
"وإنني على مدى ثقافتي وخبرتي بالحياة أستطيع أن أقول أن الذي يفقد كرامته ثم يرضى (ثم يرضى ) بذلك حتى ولو في زمن القهر والشدة فمن الصعوبة بمكان استردادها حتى ولو في زمن الحريات لأنه تعود على الجبن حتى صار جبلة...ولأن الكرامة كالعرض لا يسئل صاحبه إلا إذا انتهك عن رضا منه"
وهذا ما أصاب جمعا غفيرا من الجماهير المصرية ابتداءا من المتعاملين مع الحكومة من العوام إلى صغار موظفيها إلى كبارهم وأنا كموظف عام رأيت بأم عيني آلاف الحالات التي أهدر فيها الأشخاص كرامتهم طواعية إما تملقا لنيل علاوة تشجيعية أو مكافأة (للموظفين) أو تخليص أعمال (للمتعاملين)والتي وصلت أحيانا لتقبيل الأيادي و التدني- والتذلل أيضا.ولا أستثنى من ذلك وظيفة معينة أو درجة علمية .
ولأن البيئة كانت فاسدة فقد تحلل الشعب وضرب الفساد جذوره في حين نمت الكائنات الضارة (الإخوان والسلفيون) الذين ترعرعا في هذا الجو الموبوء (تحت الأرض) وكان النظام يستخدمهما بطريقة أو بأخرى للحفاظ على وجوده عن رضا منهما . وهكذا أصبحت الدولة فاشلة وفوضوية.
ومن ثم فالأساس في عدم تظاهر وخروج أغلبية الشعب المصري على نظام مبارك طوال فترة حكمه يرجع لسببين رئيسيين أعظمهما هو الخوف من الإيذاء البدني (من أجهزة الأمن) ثم يأتي بعد ذلك انعدام وحدة الهدف والمنهج (التجمع والتوحد).
25 يناير 2011
دعت مجموعة من الشباب الذي لم يصبه فساد عهد مبارك إلى تظاهرة 25 يناير من أجل تغيير حبيب العادلى والناظر في هذا المطلب يجد أن هؤلاء الشباب كان يهمهم في المقام الأول بل و لربما كان المطلب الوحيد هو عدم تقبلهم لامتهان كرامتهم من الداخلية ولكن لأن هذا المطلب ليس هو مطلب كثير من الجماهير التي تؤثر السلامة ولقمة العيش على المطالبة بحريات لم تتعود عليها فأضاف الشباب العيش والعدالة الاجتماعية حتى يحركوا عددا كبيرا من الناس في الشارع ولا شك أن شعور الناس بأن النظام انتهى فعلا بدأ يوم 4 فبراير فلا ينسى أحد أنه عندما أعلنت الجارديان والجزيرة  عن الـ70 مليار (ثروة مبارك) نزلت الجماهير الهادرة التي لم تنزل من قبل (وهى التي حسمت الموضوع) هاتفين : عاوزين فلوسنا ومن تلك اللحظة سميت ثورة (اصطلاحا) . والسؤال الذي كان يدور بخلد البعض في تلك اللحظة .... أين كان هؤلاء من البداية (بداية التظاهرات)؟؟؟؟ لعل السبب واضح . "ولا ننسى أيضا أن بعض الكائنات الضارة (الإخوان) شاركوا عندما أحسوا بجدوى المظاهرات".
وبعد تخلى مبارك عن السلطة وتولى المجلس العسكري ظنت القوى السياسية المدنية "ولا أظنها قوى" أن النظام سقط وذلك ناتج عن قصور رؤية وقلة فهم بل أكاد أجزم أن ما كان يشغلهم وقتها هو المكاسب والتعويض عن فترات طويلة من القهر السياسي فأمعنوا في إظهار أنفسهم والتعبير عن ذواتهم ومن ثم تفرقوا شيعا ولم يدركوا ما هو المطلوب منهم فعله لدفع البلاد قدما, فوثبت الكائنات الضارة فوق الجميع وتصدرت جميع المشاهد.... حتى الشباب لم يلبثوا أن شعروا بأنهم خدعوا فلم تكد تمر فترة وجيزة حتى بدأت التظاهرات من جديد دفاعا عن الحريات في بلد لا يوجد به أمن "وهذا من العجائب"
وقد شهدنا جميعا الوزارات المتعاقبة من فاشلة إلى أفشل منها في التعامل حتى مع أبسط المطالب الملحة للجماهير مرورا بالمطالب الفئوية إلخ وهى أمور لم تنجح أية وزارة في إدارتها حتى بعد انتخابات مجلس شعب( ذى الأغلبية من الكائنات الضارة ) هبطت البلاد من سيء إلى أسوأ .
ومن العجائب أيضا أن البرادعى في لقاء تليفزيوني على الهواء قال أن المشير طنطاوى أخبره أن رئيس حزب الحرية والعدالة "محمد مرسى عيسى العياط" قال لو جه البرادعى رئيس وزرا هنولع فى البلد وبرغم ذلك حصل الرجل الذي هدد بتوليع البلد على 13 مليون صوت في الانتخابات !!!!!!وهنا كان على الساسة أن يسألوا أنفسهم كيف اختار الشعب من يهدده؟؟ كيف يفكر الشعب؟؟؟؟؟هل يفكر الشعب؟؟؟؟؟.
وجاء مرسى ومن أول وهلة وهو يدوس القوانين والدستور والأعراف بالجزمة مرة بعد مرة  ولم يتحرك لذلك إلا القلة المهتمة بالحريات أولا وعموم الشعب كانت تطالب بإعطائه فرصة !!!!
وعندما أحس عموم الشعب بأن الأحوال تضيق و شبح الإفلاس يطل بوجهه كانت ثورة 30 يونيو مما معناه فشل ثورة 25 يناير فلا عيش ولا حرية ولا عدالة اجتماعية ولا كرامة إنسانية .....وحمادة صابر أبلغ دليل على ذلك فالمنظر المشهور له كان من شأنه أن يزيح حكومات ويقيم شعوبا ويقعدها في الدول المحترمة .
الخلاصة :
أن 25 يناير فشلت في تحقيق أهدافها لأسباب عدة
أولا : الشعب
تدنى الوعي وانعدام الثقافة في معظم جماهيره بصرف النظر عن أسباب ذلك
ثانيا : السياسيون
عدم فهم الشعب المصري و أولوياته بسبب قلة درايتهم أصلا فمعظم السياسيين عندنا هم فنجرية بق ندر فيهم من يستطيع أن يربط بين النظرية والتطبيق وأبلغ دليل هو أننا دولة بها جيش جرار من الحاصلين على الدكتوراة أكثر من أكثر الدول تقدما وكذلك الأغلب الأعم ممن شغلوا كراسي الوزارة منهم أيضا , وبرغم ذلك تعانى الدولة من فشل بعد فشل
ثالثا : المجلس العسكري
أخطأ ذريعا في إدارة ما بعد مبارك ولم يدر أي ملف كما يجب وانخرط في صغائر الأمور وانغمس فى المصالح السياسية.
رابعا : الكائنات الضارة من الإخوان والسلفيين
فضلوا منافعهم الذاتية على مصالح الوطن والجماهير في أدق الفترات الزمنية في تاريخ مصر وطبعا الأسباب معلومة فهم لا يفهمون في غير المصالح الخاصة.
ولذا نقول أن 25 يناير ثورة فاشلة
30 يونيه 2013
لا شك أن الشباب وإن كانت أفكارهم حالمة أكثر منها واقعية ويتكلمون عن الغايات دون الكيفيات إلا أنهم وبتدبير إلهي لم يجعلوا نظام مرسى يهنأ أو يمرر أيا من مشاريع دولة الإخوان بنفس هادئ .
إلا أن هؤلاء الشباب لم تكن لهم القدرة على إزاحة مرسى من السلطة إلا عن طريق عموم الشعب التي حركها انهيار الاقتصاد وازدياد الأحوال المعيشية سوءا.
وبعد إزاحة مرسى من السلطة وجاءت حكومة رضي عنها معظم الشباب إلا أن رؤيتها لإدارة البلاد كانت معدومة تقريبا وهو ما نوهت عنه من أول قرار لها في اختيار العدد الهائل من الوزراء عديمي الخبرة أو فاقدي الرؤية أو المتمرسين فسادا في دولة تمد يدها وها نحن بعد ثمانية أشهر تقريبا من 30 يونيو وقد صدق الحدس وتمت استقالة الحكومة وتشكيل حكومة أخرى سوف لن تختلف كثيرا عن سابقتها وهذا ليس رجما بالغيب وإنما تشابهت عقولهم ومن ثم أستطيع من الآن أن أجزم بفشل ثورة 30 يونيو إلا من إزاحة الإخوان عن المشهد في مصر إلى ما شاء الله وإن كنت شخصيا أرى أن إزاحتهم يعد نجاحا باهرا إلا أن شعبنا الذي تعد أحواله المادية هي أهم شيء وفوق كل الأشياء بما فيها الحريات العامة لا يرى الأمر على هذا النحو.
من المعلوم يقينا أن التوالي أو النتائج مترتبة على المقدمات ومن ثم يستطيع المحلل المتمرس أن يدرك مآل الأوضاع من بدايتها ولذا فإن الثورات يمكن معرفة ما ستؤول إليه من أولى الخطوات بعد قيامها . ولكن فلننظر بعين العوام فبعد ثمانية أشهر من 30 يونيو ما زالت الأوضاع مثل قبل 25 يناير فساد وانحلال مالي و إداري وفني في كل أجهزة الدولة وهذا يبين جهل من ظن أن النظام كان مقيما في قصر الاتحادية.
ومن المعلوم بالضرورة أيضا أن البناء أسهل من الترميم ونحن دولة تحتاج إلى الاثنين معا فإدارة دولة جديدة أو مستقرة ذات نظام مؤسس على بنية صالحة يعد لا شيء بالنسبة إلى دولة تحتاج إلى الإصلاح والتطوير والتنمية لأن إصلاح النظام في حد ذاته أمر مجهد يحتاج من الخبرة والعلم والمهارة والدقة أرقاها وأعلاها ولذا فالذي يتكلم عن تنمية في هذا الوقت وفى سواد هذه المنظومة فهو إما جاهل أو مغرض ذو مطامع يريد أن تظل الدولة فاشلة.