الثلاثاء، 31 مايو 2016

السيسى ..... والدولة ..... وما بينهما من مسائل ... (1)




العدالة المدنية و الانتماء
ذكر الرئيس السيسى فى أحد أحاديثه فى جلسة مع (من يسمون) رجال الأعمال  أنه تولى الرئاسة  والدولة  "قطعة حديدة" على حد قوله .
 وحتى لا أحمل الكلمة أكثر مما يقصده الرئيس فان التفسير الواضح انها خردة   أى تم سلب خيراتها و العبث بثرواتها و اهمال مصالحها حتى أصبحت على الحديدة .
ومصر تعانى بسبب ذلك ( فساد داخل أجهزة و مؤسسات الدولة عبر عقود) من مشاكل جمة كالسرطان المتغلغل فى أعضاء الجسم ويراد التعامل معه دون خسائر جسيمة  وهو ما يتطلب معرفة مكان الورم (الفساد) فى كل عضو (جهاز أو سلطة) و أسبابه وعلاقته بغيره من الأعضاء (الأجهزة الأخرى) ولا يصلح لفعل ذلك إلا أشخاص  يتميزون بشيئين  العلم الغزير والخبرة الواسعة أى أننا فى حاجة ماسة  للمحترفين وليس لمجموعة من الهواة (الوزراء) .
والعلم الغزير لا يعنى الحصول على دكتوراه فالذين جعلوا مصر على الحديدة هم  دكاترة جامعة .. وانما العلم الغزير عند المهتمين بفلسفة العلم ونظرية المعرفة , مع الخبرة الواسعة بوضع وتراكيب هيكلية النظام الموجود.
وأول ما أبدأ به هذه السلسلة من المقالات (المتجردة عن التحيز لشخوص أو لفكر بعينه) المتعرضة لأسباب هذا الانحدار والانحطاط التاريخى وكيفية معالجته (فيما بعد) هو أهم شىء تقوم عليه الدول ألا وهو العدالة المدنية والانتماء
الانتماء هو شعور معنوى يتولد من ارتباط محبة بين الشخص وشىء ما .... ومظاهره  أن يجعل الشخص حريصا على ذلك  الشىء  مهتما به  و يكرس  من  أجله  الجهد  و الوقت للحفاظ عليه و صونه  و  تنميته  وإدامة إبرازه  فى أبهى صورة . ومن هذا المنطلق يبرز السؤال المنطقى والجدلى
هل المصريون منتمون؟
يحضرنى هنا كلام الشاعر الفكاهى حسين المصرى
وأحياء مصر إن تكن وطنية ........ تجد وحلة فيها من الرجل للفم
الزبالة تملأ كل شوارعها كأنها مزبلة كبيرة ....التلوث يملأ كل مجاريها المائية و هوائها....التعديات على الأملاك العامة و الأراضى الزراعية لا تخفى على الأعمى ..... وعن الغش فى الامتحانات بمعرفة المعلمين و أولياء الأمور حدث ولا حرج ..... وعن التزويغ من العمل والاهمال فيه فقل ما تريد ......وعن التهرب من الضرائب فتغن بذلك...الخ.....والمقام هنا لا يسع إظهار تعديد كل مظاهر الـ....................
الناظر فى تعامل المصريين مع دولتهم  يرى مظاهر ضعف الانتماء .... وأنا أرى ذلك  مرضا يصيب الدولة وليس سبة  أو خيانة  تعرو  الأشخاص  فالانتماء مثل أى شعور  له  ما يقويه  و له  ما  يضعفه  ليس  بالكلام المعسول عن حب الوطن والتغنى به . وهنا يبرز السؤال التالى وهو....مالذى أضعف انتماء المصريين ليهينوا دولتهم هذه المهانة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الاجابة واضحة وضوح الشمس ......العدالة المدنية أو الاجتماعية (و الديموقراطية تضمن استمرارها)
من المعلوم بالضرورة أنه لو لم توجد حصة تشاركية عادلة لخيرات المجتمع فهذا يعنى الفساد والفساد يبدأ من المحسوبية والمحسوبية تضع الشخص فى غير محل مما ينتج عنها قرارات منحرفة تعبر عن ولاءات لأصحاب الأيادى فتسلب هذه القرارات حقوق مستحقيها فتنعدم الثقة فى النظام و المنظومة فيبدأ أفراد المجتمع فى العمل كل لمصلحته الذاتية بعيدا عن النظام فيزداد انحراف النظام و محاسيبه  فى استحلال الثروات العامة وتزداد لا مبالاة المجتمع بالدولة وتصبح الدولة شتى فمنهم مستحل للمال العام ومنهم الغشاش ومنهم المستغل لعمله المثرى منه ومنهم المتطرف وهذه بالضبط النقطة التى نقف عندها.
والمحسوبية والواسطة فى مصر على مدى عقود يقرؤها القارىء وغير القارىء ولم تسلم منها وظيفة عامة فى أى مؤسسة من مؤسسات الدولة (أى مؤسسة من مؤسسات الدولة) وأصبحت الوظائف العليا والقيادية فى مصر للاكثر انحناءا وطاعة فأكثروا فى الارض الفساد ومنحوا  امتيازات  تلى الأخرى (فمنها مالية ومنها عينية بسبب وظائفهم المأتية عن باطل) مما خلق  جيلا  حانقا ساخطا على البلد ينشد الهجرة منها الى غيرها لشعوره بانها ليست وطنه الذى يرجو.
ومن ثم فلتقوية الانتماء الى هذا البلد وجب قبل كل شىء إقرار العدالة الاجتماعية.. و  كيفية ذلك سأدلو  برأيى فى تطبيقها بعد التعرض لكافة ما يعانى منه مجتمعنا من أمراض مجتمعية .