دعوة الرئيس مرسى للقوى السياسية على غير قاعدة للحوار كان أشبه بفخ أراد لهم أن
يدخلوه فقط لكي يخرج على الرأي العام بالقول بأن الرئاسة تحاورت مع القوى السياسية
وبذلت ما يمكن بذله ولكنهم لا يعجبهم العجب ومن ثم المضي في تشويههم كحلقة في مسلسل التضليل المستمر في تشويه خلق
الله إلا أنني أحيى موقفهم ورؤيتهم
الثاقبة فى عدم الجلوس معه.
وأنا مستغرب فى الحقيقة من الاعلان الذى أذاعه العوا
فهو على نفس وتيرة الخطاب التافه للرئيس الذى
يذكرنا بابن سودون حين يقول
إذا ما الفتى في الناس بالعقل قد سما....تيقن أن الأرض
من فوقها سما
إلا أننى فى هذا المقال أتحدث عن نقطة فى غاية الحساسية
لا يتعرض لها لا الاعلاميون ولا الحقوقيون ولا السياسيون فى برامج التوك شو عندما
يتعرضون لها كلما تكلم أحد الاخوانيين عن الذهاب لصناديق الاستفتاء على الدستور
والاحتكام للشعب مع أن هذه النقطة هي أصل الموضوع كله ألا وهى :
نشأة الدساتير....العقد الاجتماعي
نشأت الدساتير والذي يطلق
عليها أحيانا العقد الاجتماعي بناءا على
هذه النظرية التي تقول أنه قبل نشأة
الدولة كان الناس داخل الحدود الجغرافية عبارة عن شراذم (أفراد-جماعات) لهم
الحريات والإرادات المطلقة لفعل ما يشاءون مما أدى إلى حرب الكل ضد الكل وكان من الحتمي
لإنشاء الدولة أن يتم عمل عقد اجتماعي يتم بموجبه تنازل كل فرد أو جماعة عن بعض
من حرياتها وإراداتها المطلقة (التوافق) ويكون العنف الشرعي حكرا على الدولة ومن
الأهمية بمكان أن أشير إلى أن التوافق يعنى الإجماع وإلا فما الفرق بين التوافق
والمغالبة فالنتيجة 90% تعبر عن المغالبة
ويقال لها الأغلبية والدستور ليس كذلك كما أنه من الغريب أن يتساءل شخص....أأنتم
تريدون توافق بنسبة 100%؟؟؟ .... فهذا التساؤل يعد تساؤلا غبيا .
ومن ثم فإن التوافق يعبر
عن الحد الأقصى من المبادئ المجمع عليها في المجتمع وليس أي منها محلا للخلاف بين
أطياف المجتمع وإلا لكان تقسيم المجتمع إلى مجتمعات أحرى و أنجع ولنضرب مثالا على
ذلك :
لو تم الاستفتاء على دستور
ما فى بلد ما مثل مصر وتعدادها 100 مليونا وخرجت النتيجة بنسبة 75% مثلا فيجب على
المشرع الدستوري أن يشعر بالفشل الذريع لأنه لم يلب مطامح ربع المجتمع والذي في
هذه الحالة يمثل 25 مليونا وهذا يمثل حوالى سبعة محافظات فى بلد مثل مصر ولا يمكن في
تلك الحالة إعتبار أن هذا الدستور توافقي بل هو نزول الأقلية على مبادئ الأغلبية
وهذه ليست صفة الدساتير وكذلك لا يمكن اعتبار أن مطالب الأقلية شاذة عن الإجماع لأنه
إذا كان الأمر كذلك يكون ربع المجتمع شاذا في مبادئه وهذا شيء لا يقول به إلا
مجنون وفى تلك الحالة يجب على هذا
الفاشل(المشرع الدستوري ) لو كان منصفا مهنيا صادقا مع نفسه أن يعالج الخلل فيما
وصل إليه في الوثيقة الدستورية وتلك المعالجة تتمثل في إعادة النظر في كل الوثيقة
بما يجعلها موضعا للإجماع الشعبي.
وفى مصر الآن يرى الأعمى
أنه يوجد انقسام على مشروع الدستور قبل الاستفتاء ومن ثم فانه إما من الاستهبال و الاستعباط أو من الانتهازية والقنص أن يتم
الكلام عن استفتاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق