الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

الأحزاب الكرتونية.....وصف غير منصف

يصف البعض من المثقفين الأحزاب السياسية قبل الثورة بالكرتونية نظرا لعدم تواجدها أو تفاعلها مع الشارع ولضآلة قواعدها عددا ولقلة وضعف تأثيرها في الوعي الجماهيري العام وأصبح هذا الوصف غير المنصف دارجا على الألسنة...... فلماذا هو غير منصف؟؟؟؟؟
الحزب السياسي عندما ينشأ تحت ضغوط النظم الديكتاتورية يتم منعه من الالتحام مع الجماهير بطرق عدة وعلى رأسها عدم موافقة السلطات على عقد اللقاءات الجماهيرية ونظرا لقلة أعداد المنتسبين إلى الأحزاب فإنه يتم العمل على الدعاية للحزب بشكل فردى مما يجعل رجل الشارع العادي (الذي يؤثر فيه الحجم التنظيمي والكم العددي للحزب) يفضل التعاطف فقط دون الانخراط في العمل الحزبي .
وإن كنا نعذر العوام على عدم تحزبهم قبل الثورة فلا عذر للمثقفين الذين ظلوا شراذم وآحادا بل و أثروا بالسلب على هذه الكيانات السياسية الضعيفة من خلال توصيفاتهم المزدرية لها والطاعنة فيها فازدادت ضعفا على ضعف في تلك البيئة السياسية الفاسدة  وكان الأحرى بهم الانخراط داخل تلك الأحزاب حتى ولو لم تتطابق الرؤى لإحداث تغييرا ما في البيئة السياسية للمجتمع .
ونحن نعلم يقينا من دراسة الأحياء أن البيئة غير الصحية تنمو فيها الكائنات الضارة فقط فوق سطح الأرض وتحته ولا شك أن ما تحت السطح يكون أشد افتراسا وأعظم خطرا نتيجة الكبت و الضغط......... و بدراسة الوضع السياسي قبل الثورة نجد أنه كانت توجد كيانات مستفحلة أولها الحزب الوطني البائد وهو ما كان ينمو على فساد البيئة السياسية فوق الأرض نظرا لأن السلطة معه إلا أنه ولكونه لا يرى إلا نفسه فلم يحسب لأحد وزنا.
وثانيها جماعة الإخوان الذين كان عددهم يتزايد مع الوقت في تلك البيئة وكانوا يتواءمون معها ويتشكلون وتتغير مبادئهم حسب الحاجة حتى التمكين ولم يفطنوا إلى أن التلون يصير طبعا مع الوقت فتجدهم حتى بعد زوال تلك البيئة الفاسدة يحاولون تكوينها من جديد لأنهم لا يطيقون غيرها فمن نما في بيئة فاسدة يصعب عليه التكيف مع غيرها وهذا ما اشترك معهم فيه الكيان الثالث وهم المتسلفة (المتسلقة) الذين يراءون كل من يجلس على كرسي الحكم  فإن ظنوا بقرب التمكين ظهرت من بواطنهم الشحناء ضد المجتمع وتقاليده وعاداته لأنهم لما لم تكن عندهم المعرفة والثقافة للانخراط واحتواء الاختلاف المجتمعي (لم يكن المجتمع على مقاسهم الفكري والمعرفي) أرادوا تغييره ليناسب معرفتهم وفكرهم (خنصره المجتمع) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق